اقلام

كلمة للحرب وكلمة للسلام … ريتا بشارة

كلمة للحرب وكلمة للسلام …
بقلم الاعلامية ريتا بشارة
في البدء كان الكلمة ، وليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ، بدأت النص بهذه الاية المقدسة الشهيرة لكي اثبت ان الكلمة كالرصاصة ، اذا اطلقت لن تعود ، كلمة الشر يمكنها ان تصنع حربا وكلمة الخير يمكنها ان تخلق سلاما وهدوءا . فالكلمة سلاح خطير يجب التعامل معه بعناية وحذر، حتى لا تقتل أو تجرح أو تنتج ندما. لذلك يجب وزن الكلام قبل نطقه بميزان العقل والحكمة . الكلمة مثل الخبز وجبة للعقل ، ليس بالطعام وحده نغذي اجسادنا ولكن بالكلام الخير والمفيد والهادف والمتناسب والرقيق واللطيف والقيم نغذي افكارنا وسلوكنا وعقولنا وارواحنا وشخصيتنا وكياننا .قديما ، كان الملك ام الحاكم ام السلطان يدفع دراهم للشاعر ام للمحاور ام للخطيب الذي يتحلى ويتميز بفن الخطابة والكلام والاقناع والذي يحسن الكلام على المنبر من خلال لسانه المعسول الملفق و طيب النغمة و السلس من اجل اطرائه ومدحه وارضاء نرجسيته وتعزيز غروره وخاصة امام قومه وشعبه ومناصريه لجلب حبهم وتعلقهم به وكسب خنوعهم وولائهم وسجودهم له وغسل عقولهم وتحريضهم واقناعهم لخوض اي حرب ام معركة ام عراك وبالتالي لتخويف باقي المجموعات والخصوم والمتقاعسين لكي يشعروا بهيبته وقوته وجبروته . كذلك الامر في يومنا هذا تماما، اصبحت هذه الكلمة القديمة التقليدية المدفوعة مغلفة وملغومة ومعلبة في الحاضر بالاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة حديثة وسريعة وسهلة وفي متناول اليد وتصب في النهر نفسه . بات الاعلام اليوم للاسف الكبريت الرئيسي لاشعال نيران الفتنة وتحريض الشعوب والتخريب واضعاف الدولة وتهشيم صورة مؤسساتها وتأجيج الازمات ومحاولة تقليب الرأي العام على مبدأ المقاومة اللبنانية ونشر العداء في المجتمع المحلي وتحفيز الصراع أو الحرب وطبعا اتكلم عن حالة لبنان ؛بدل ان يكون اعلاما صحيحا وحقيقيا لنشر رسالته السامية ودعم مؤسسات الدولة ومواجهة الظلم والظلمات ونقل الانباء الصحيحة وغير المغلوطة ونشر الرسائل البناءة والمتطورة من اجل جيل واعي ومثقف ومدرك وهذا ما ناشده بالضبط “اللقاء الاعلامي الوطني” في بيروت خلال ندوته تحت عنوان “اعلاميون في مواجهة الفتنة والتحريض” . ولكن المحزن هنا ان المال يعلو على صوت الضمير والحق ويعلو على قلم الصحفي وكلام وصوت الاعلامي، فالكلمة تباع و تشترى في أسواق النخاسة وبأبخس الأثمان على جرائم في حق الإنسانية وارضاء صاحبة الجلالة . اتمنى ان تلقى التوصيات المنبثقة عن هذه الندوات والمؤتمرات والمحاضرات الصدى الايجابي وان تترك اثرا وايقاعا في اذان اللبنانيين وخاصة الاعلاميين والصحافيين وان يتخلصوا من الصراع بين المال والعقل والحكمة وان ينضموا مع زملائهم وشعبهم لكي يواجهون بصوت ونبض واحد الاعلام المفتن والخبيث والمخادع والمشوه والموجه بامرة المال الحرام والمصالح التخريبية وتصنيع جمهور بلا رؤوس . فلنطلق اذا كلاما للسلام وليس كلاما للحرب ! “طوبى لفاعلي السلام فإنهم أبناءَ اللهِ يُدعَون”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى