اقلام سياسية

الطوفان المستمر

ريما فارس

الطوفان المستمر

ما زالت الحرب تسدل غطاءها على غزة. منذ 7 اكتوبر حتى اليوم، تجاوزت الحرب كل القواعد والمبادئ والاعراف التي تشهدها الحروب التي تُشن عادة، إذ تحولت إلى إبادة جماعية عامة تطال البشر والحجر وكل ما تصل إليه يد الحقد والإجرام. فالمقصود فيها القضاء على أهل غزة وفلسطين عموماً.

نبي الله نوح (عليه السلام) هو أحد أولي العزم من الرسل، قصته فيها دروس وعبر، يمكن ان نترجمها اليوم على ارض الواقع.
إن لاستخدام كلمة طوفان ارتباط بالقصة الأصيلة. لقد استمر نبي الله نوح في دعوة قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا وهو زمن ليس بالقصير، ولكن دونما نتيجة، ولما يأس نوح (ع) أوحى الله تعالى إليه “أن يا نوح لن يؤمنَ من قومِك إِلّا مَنْ قَدْ آمَنَ”، وطلب الله منه ألّا يحزن، وكلفه أن يصنع فلكًا (أي سفينة)، وفي يوم الطوفان العظيم أمر الله الماء بإغراق الأرض كلها.

طوفان اليوم لم يكن من البحر بل من مقاومة رجالها لا يخشون بحراً ولا نهراً. أسود انجبتهم ارحام طاهرة ليصنعوا الربيع العالمي دون الحاجة للعرب إن لناحية الدعم او الوقوف إلى جانبهم. سينتصرون لوحدهم وسيحققون تحرير فلسطين بإنسانها ومقدساتها وترابها بإذن الله.

مقاومة غزة لن تستسلم، رغم كل تلك الإجراءات على مدى السنين الممتدة من (1918-1987)، إمتداداً إلى ١٩٩١… حيث انطلقت من مخيم جباليا شرارة إنتفاضة الحجارة عام 1987، وقدمت غزة خلال هذه الأحداث أكثر من (1000 شهيد)، وخلال انتفاضة الأقصى (2000-2005)، استبسل الغزيون في مقاومتهم، وقدموا حوالي (2000 شهيدا)، بالإضافة إلى اثنين من ايقونات الثورة الفلسطينية، محمد الدرة وفارس عودة. الصور التي كنا نشاهدها أمام شاشات التلفزة كانت مروّعة لكن الفارق بين غزة الأمس وغزة اليوم كبير جداً، فكل شهيد يرتقي اليوم يسقط مقابله جندي صهيوني، هذه المعادلة لم تكن موجودة في يوم من الأيام منذ وجود الإحتلال الصهيوني الغاشم والغادر.
إن الطريق إلى فلسطين بات مزروعا بحكايات النصر ومعبد بالآمال المصكوكة من جهاد ودم وزناد. والصبح بات اقرب من عين، وستطلق الحرية الحانها في كل سهل وواد ونلة، وتعلو الزغاريد في كل درب ودسكرة ليكتب التاريخ قصص الحياة التي تعمدت بآلام انتجتها السنون الخاليات، فتمخضت عن نصر وتحرير لم تشهد الايام له مثيلا.
ريما فارس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى