العرب والصين وروسيا وفنزويلا وكوبا، لا شيء قدموه لغزة، ولماذا أنا الشيعي دائما قلق.
العرب والصين وروسيا وفنزويلا وكوبا، لا شيء قدموه لغزة، ولماذا أنا الشيعي دائما قلق.
بقلم ناجي أمهز
عندما يقصف العدو الإسرائيلي في سوريا أشعر بالقلق بأنه ربما استهدف بعض أبناء الطائفة الشيعية اللبنانية المتواجدين في سوريا، مع العلم بأن هؤلاء الشباب المقاومين الأبطال المتواجدين في سوريا يدافعون عن العراق ولبنان وحتى أن أوروبا نفسها من تمدد الإرهاب التكفيري، مع ذلك أشعر بالحزن عندما أشاهد واسمع الغالبية وعلي مستوى المنطقة سعيدة وفرحة باستهداف الشيعة، مع أن الشيعة يقاتلون الإرهاب التكفيري الذي يشكل خطرا على البشرية جمعاء وخاصة الأقليات الدينية بالمنطقة.
لماذا علي أنا الشيعي أن أشعر بالقلق عندما يهدد العدو الإسرائيلي لبنان، وأبدا بالبحث عن الأفكار ووضع النظريات واستدرار التحليلات، وإعداد الاستراتيجيات.
لماذا علي أنا الشيعي أن أفكر بحال هجم العدو الإسرائيلي على لبنان، بان الحرب ستكون علي أنا تحديدا، وان أمريكا ستقصفني من البحر، وأوربا سترسل طائرتها وتضربني بصواريخها الباليستية، وان غالبية العرب سيخرجون بأعلامهم ومفكريهم والتحريض على عزلي لأنني إيراني، وعلماء السلفية الجهادية سيحرضون على قتلي لانني رافضي شيعي، وأن أتوجس من النازحين السوريين بعملية انغماسه، وان خصمي السياسي أو الحزب الفلاني ماذا سيفعل بحال حصلت الحرب وكيف سيتعامل معي، هل سيشارك العدو بمقاتلتي، أم أنه سيكتفي بمنح العدو معلومات عني، أو أنه سينتقم مني عندما أضعف، مع أنني لم أقم بأي عمل ضده أو حتى أذيته .
لماذا أنا الشيعي اللبناني عند العالم العربي محسوب على إيران ويقال لي يا ايراني، بينما السني اللبناني مسموح له أن يكون محسوبا على كل الدول السنية حتى الباكستانية منها ولا يقال له يا باكستاني،
وأيضا اللبناني المسيحي والذي يتباهى بفرنكفونيته وأنه غربي الهوى، بل حصل صراع واقتتال دام أكثر من نصف قرنا حتى قبل بأن يكون لبنان عربي الهوية، ومع ذلك لا يجد حرجا بالانتماء إلى حيث يريد، حتى هناك من يفتخر بأنه تعاون مع الإسرائيلي.
لماذا مسموح للبوذي بان يقيم معابده ويحيي شعائره وطقوسه على كافة الأراضي العربية، إلا الشيعي ممنوع عليه حتى ممارسة شعائره بينه وبين نفسه، وإذا أراد أن يقيم حسينية يحتاج إلى موافقة كافة الفرقاء والمرجعيات، وبحال سمح له حتى يقيم شعائره يحتاج إلى حماية ان لا يأتي تكفيري مجنونا ويفجر نفسه بهؤلاء الأبرياء.
ولا أحد يقول إن هذا الكلام غير دقيق فقد قتل رجل الدين الشيعي حسن شحاتة وثلاثة آخرين في يونيو حزيران 2013 في مصر فقط لأنهم شيعة، وأيضا حتى في سوريا هناك إجراءات أمنية تمتد لمسافات من أجل حماية الزائرين للسيدة زينب عليها السلام، وفي بقية الدول العربية ممنوع إحياء شعائر عاشوراء.
نحن الشيعة بحاجة أن نكمل بناء أنفسنا، وأن نلتف على بعضنا أكثر وأكثر، لأنه لم يترك لنا خيارا آخر، وأن نعيد ترتيب أولوياتنا، وخاصة المحافظة على النخب الشيعية رغم قلتها وندرتها، لأنها النافذة الوحيدة على مختلف العالم.
لأنه بالختام كل هذا الحديث عن القومية العربية ونظرية أبو علي بوتين وصعود الصين، ماذا فعلوا لسوريا لا شيء، ولولا موافقة أمريكا على إنهاء التمدد التكفيري الإرهابي وقبولها التدخل الروسي لما دخلت روسيا الحرب إلى جانب سوريا.
وأيضا كل العرب ومن بينهم الصين وروسيا وفنزويلا وكوبا وكل هذه النظريات الخنفشارية، ماذا فعلوا لغزة لا شيء، 2 مليون مسلم سني عربي قتلوا وهجروا أمام وتحت أنظار 400 مليون عربي ولا أحد منهم تحرك لنصرتهم، حتى غزة المدمرة أصلي لم تعد قابلة للسكن والحياة أو حتى الزراعة، جميع الدراسات التي بدأت تتسرب تؤكد بان غزة قصفت بمواد تسبب كافة الأمراض السرطانية كالتي استخدمت في الحرب على العراق عام 1989 مما يعني بان أجيال ستموت قبل أوانها وأجيال ستولد مشوهة، هذا بحال أرادوا إعادة إعمار غزة، وحتما لا أحد يجرؤ على تقديم الدعم لإعادة إعمار غزة.
ولا أحد يخبركم أنه لا يساند غزة بسبب الخوف من البطش الأمريكي، اصلا كل هذه الدول لم تفعل أي شيء لإنقاذ المسلمين في بورما الذين ينامون ويستيقظون علي مذابح وجرائم جماعات الماغا البوذية المدعومة من النظام الحاكم في بورما والمستمرة في أبشع صورها في ظل صمت وتجاهل عربي وإسلامي كامل، اليوم لم يعد يوجد من المسلمين في هذه المناطق ما يعادل 2 %.
الفئة الوحيدة التي تدافع اليوم عن غزة هم الشيعة، ورغم تقديم عشرات الشهداء، وما تعرض المناطق الشيعية تحديدا في الجنوب، إلا أن موقف غالبية اللبنانيين غير مهتمين، ومثل غالبية مواقف الدول العربية، يتفرجون على معاناة الشيعة.
بل غالبية اللبنانيين يستفزون الشيعة، أنه ربما ندخل بحرب أكبر مع العدو الإسرائيلي ويحصل بنا كما يحصل بغزة، كلام بعض اللبنانيين اليوم الآن “أنه أنت يا شيعي وين صواريخك، ما قلت إنك بدك تعمل اجتياحا بريا”، يريد هذا اللبناني أن يرانا نموت ليرضي غليله، وبالمقابل يحرض عليك الإسرائيلي ويشجعه على تدمير مناطق الشيعة ويقول للإسرائيلي إن الذي قتل وهجر 2 مليون غزاوي لن يغص بمليون شيعي، وللأسف هناك لبنانيين يقولون علنا لن نستقبل النازحين الشيعة بمناطقنا، وكان هذه المناطق خارج السيادة اللبنانية، التي يحق فيها للشيعي كما يحق لغيره من بقية الطوائف.
بالختام الشيعة عام 2000 قتلوا إسرائيل، وعام 2006 تم دفنها، وإسرائيل هذه اليوم هي غير إسرائيل التي كانت متواجدة طيلة نصف قرن، إسرائيل اليوم هي إسرائيل الدينية التلمودية، وإسرائيل هذه لا تهتم لكل ما يجري في العالم، تظاهرات إضرابات احتجاجات، وما حصل في غزة هو نموذجا لإعلان ولادة إسرائيل التلمودية.
في حوار عام 2009 مع الحاخام الصهيوني “مانيس فريدمان” حول الطريقة المثلى لتعامل اليهود بفلسطين المحتلة مع جيرانهم من العرب، وقد أتت إجابة “فريدمان” صريحة: “إنني لا أومن بالأخلاقيات الغربية، بمعنى أن عليك ألا تقتل المدنيين أو الأطفال، وألا تُدمِّر الأماكن المقدسة، وألا تقاتل في المناسبات الدينية، وألا تقصف المقابر، وألا تُطلق النار قبل أن يطلقها عليك الآخرون.. إن الطريقة الوحيدة لخوض حرب أخلاقية هي الطريقة اليهودية: دمِّر أماكنهم المقدسة، واقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم ومواشيهم”. وقد علَّل “فريدمان” ذلك بأنه الرادع الوحيد والحقيقي للتخلُّص من ثبات الفلسطينيين ومقاومتهم المستمرة، وأن تلك هي قيم التوارة التي ستجعل الإسرائيليين “النور الذي يشع للأمم التي تعاني الهزيمة بسبب هذه الأخلاقيات (الغربية) المُدمِّرة التي اخترعها الإنسان”.