اقلام سياسية

تدنيس إسرائيل للمسجد الفلسطيني وتلويث مفتي البلاط للعقل الإسلامي!

خليل إسماعيل رمَّال

تدنيس إسرائيل للمسجد الفلسطيني وتلويث مفتي البلاط للعقل الإسلامي!

خليل إسماعيل رمَّال

صورة الجندي إسرائيلي وهو يدنس مسجداً فلسطينياً بمدينة جنين المقاوِمة، استفزتني كما استفزني بالسابق تدنيس كنائس سوريا وتحطيم تمثال السيدة العذراء مريم (عليها السلام) والتي رمَّمَها  رجال الله في لبنان خلال تطهيرهم لبؤر الشيطان الداعشي التكفيري الحليف العضوي لشبيهه الصهيوني في صيدنايا ومعلولا وغيرها!

وأول من خطر ببالي وأنا أرى الجندي الإسرائيلي على منبر المسجد، هو ذاك الشيخ حامل العصا (ربما تونسي أو جزائري لا أذكر إسمه) الذي كان معادياً لفظياً لكل ما هو غربي، عندما هاج وماج كالثور في إحدى خطبه وحطَّم الصورة وراءه ثم شوهد في فيديو آخر يتنعَّم ويستحم في إحدى دول أوروبا ويعلن عن إعجابه بما يرى!

القصد من وراء استذكار هذا الشيخ الذي اعتقد أنه من التكفيريين هو استحضار واقعنا الأليم إزاء شيوخ البلاط ومفتي ووعاظ السلاطين الذين لم تحرِّك هذه الصورة ساكنهم وهم مازالوا صامتين صمت القبور تجاه ما يحدث في فلسطين. أصلاً توسيخ مسجد في جنين ليس أخطر من ذبح غزَّة الأبية وتدنيس المسجد الأقصى عدة مرات! لقد كسر هؤلاء صمتهم التنكي (لا الذهبي) بعد الضغط المعنوي عليهم، بوعظ أبي عبيدة الناطق باسم كتائب القسَّام باتباع السنُن، ولكن ما هي آلية إتِّبَاع السُنن يا شيخ التكفير؟ لا جواب. وهل اتِّبَاع السُنَن لا يستوجب الدفاع عن العرض والأرض ونصرة المظلومين في فلسطين ضد أشرس عدو للإنسانية وليس للمسلمين فقط، كما أفتيتم باتباع السُنَن في سوريا والعراق؟!

من بعض بركات هذه المعركة في غزَّة (ولكل بلية مخرج من الله سبحانه وتعالى، رغم الألم وسيل الدم الطاهر) هو تجلِّي الوحدة بين المسلمين سُنَّةً وشيعة بل بين الأديان السماوية والإنسانية جمعاء، وهنا لا نريد أن ننكأ الجراح وننغِّصَ أجواء التوحُّد، لكن يحقّ القول أن بعض وعاظ السلاطين أخذوا على الفلسطينيين قبول (مجرد قبول) مساعدة من يسمونهم بالروافض بينما هم تخلوُّا عنهم عند أول مفترق طرق ونسوا قضية فلسطين وطبَّعوا مع العدو بل اندمجوا معه لدرجة الجنون، فماذا تريد هذه الأنظمة؟ أن ينتحر الشعب الفلسطيني ولا يمد يده للمساعدة خصوصاً من الذين لوحدهم وقفوا معهم وزوَّدوهم بكل مقومات الصمود والتصدي والمقاومة من صواريخ وأنفاق وذخيرة ومال، ولا حاجة هنا لتكرار ذكر أفضال وواجبات سوريا وإيران والمقاومة في لبنان والعراق (نخص بالذكر حصراً الشهداء المهندس وسليماني ومغنية)؟ وليس صدفة من يساند فلسطين اليوم، أي محور الشرف والمقاومة الذي عماده الحوثيون “أنصار الله” الذين قلبوا المعادلة لكنك تجد الكثيرين يتفادون ذكر كلمة الحوثيين حتى لا يمنحوهم الفضل، وهم على كل حال ليسوا بحاجة لشهادة من أحد ولا ينتظرون جزاءً ولا شكوراً إلا من الخالق العظيم، فيقولون “اليمن فعل كذا وكذا” للتمويه لكن ليس كل اليمن مع فلسطين خصوصاً الجزء التابع لبعض دول الخليج! وكما ذكر الأستاذ ناصر قنديل، على هؤلاء العرب أن يعتذروا أولاً من الحوثيين على المجازر والحصار بحقهم والإساءة اليهم طيلة عقد من الزمن بعد أن تبين أنهم فخر الأمة واحتياطها الإستراتيجي بعد خروج مصر والأردن والمغرب والسودان وباقي الأنظمة عن الخدمة وحكامها يتفرجون الآن من بعيد على نحر غزَّة رغم غليان الشارع العربي.

لقد خاض وعاظ السلاطين وأئمة التكفير طويلاً في  تلويث العقل الإسلامي وفي رزيَّة التفريق بين المسلمين وضد أنصار أهل البيت (عليهم السلام) بالتحديد وحذَّروا من “خطرهم” وصاحوا منبِّهِين من “مؤامرة” التشييع التي “تنفِّذها” إيران التي يقطنها، بالمناسبة، ٢٠ مليون من أخواننا السُنَّة لكنهم يستفيدون من موارد الدولة “الشيعية” ولم يحاول أحد تشييعهم كما قال أحد شيوخ الأزهر الزائر. وبمناسبة الكلام عن الأزهر الشريف حان الوقت له لكي  يستلم زمام القيادة من التكفيريين المتطرفين ويعود للعمل بفتوى الأزهر نفسه بجواز التعبُّد بالمذهب الجعفري، التي أُقرَّت في الخمسينيات بجهد الإمام السيد القائد المرجع عبد الحسين شرف الدين وفي زمن القائد الخالد جمال عبد الناصر! لقد حان الوقت لعودة المحروسة وأم العرب لرعاية أبنائها!

إن وعاظ السلاطين اليوم في ورطة كبرى، فهم يمتثلون لأمر أولياء أمرهم ويمتنعون عن الدعوة لنصرة غزَّة وهم يموتون كل يوم عندما يشاهدون أنصار أهل البيت ( وأنصار الله) يهبون أرواحهم لفلسطين، ليس لأنهم يتحرَّقون للدفاع عن الأقصى وغزَّة بل لأن الذين حرَّضوا ضدهم طيلة هذه السنوات بانت حقيقتهم الساطعة وأصبحت واضحة للشباب العربي في كل الأقطار وسقطت بحقهم كل الإدعاءات الزائفة والباطلة! إني أتخيل رد فعل ذلك الشيخ المغربي على صورة الجندي اليهودي، ماذا ستكون؟ لا شيء!

أخيراً  راج على السوشال ميديا منذ البارحة تعليق على صورة تدنيس الجندي الإسرائيلي للجامع وهو تعليق نابع من حرقة القلب من قبيل “تصوروا لو أن شيعياً فعل ما فعله اليهود واعتلى منبر مسجد للسُنَّة وأذَّن فقط للصلاة فماذا سيكون رد فعل مُفتي البلاط”؟! ومع أن هذه التعليق ليس وقته وليس في محله إلا أنه سؤال مشروع ولا يمكن تخطيه وطمسه لأنه يعبر عن عتب ومظلومية واستمرار إيلام جزء كبير من المسلمين، وهو ظلم أشد مضاضةً! ألا يتم قتل الشيعة بمناسبة وبلا مناسبة في باكستان وأفغانستان وغيرها كما حصل مُؤخَّراً في مجزرة علماء الشيعة؟ ألم يستمر اليوم القصف على مدن سورية كنبل والزهراء ويتم تحريك الدواعش لمنع الوحدة وحرف الأنظار؟! العتب هو على قدر المحبة لأن المقاومين في محور الشرف مازالوا يتعرضون للتشكيك الخبيث من قبل التكفيريين وللتقليل من دورهم المُسانِد رغم أنهم يبذلون الدماء والأرواح ولا يبغون إلا مرضاة الله فقط في جهادهم! لكن ماذا نتوقع من ردة فعل المقاوم من أنصار أهل البيت وهو يرى ويسمع هذا الجحود بينما جُل ما يطلبه هو القليل من عرفان الجميل ومراجعة المواقف والإعتراف بالخطأ وهي فضائل كبيرة والفرصة اليوم سانحة جداً للوحدة الحقيقية بين المسلمين وبينهم وبين إخوانهم المسيحيين في المعركة الكبرى، معركة الحق ضد الباطل؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى