طرابلس تحت حكم “كارتل المولدات”… والجشع سيد الموقف
بقلم لبنى عويضة… خاص الرقيب:
بينما تتدهور الأوضاع المعيشية بسرعة غير اعتيادية، ومع انزلاق المواطنين نحو الدرك الأسفل من الذل، بالموازاة مع إقرار موازنة 2024 التي دقت الاسفين الأخير في نعش العيش الكريم، ومع أخذ أسعار المحروقات بالارتفاع متأثرة بتداعيات أزمة الشرق الأوسط وحرب غزة والبحر الأحمر، نعود لجشع واحتكار أصحاب المولدات الخاصة الذين حققوا أرباحاً طائلة من الأزمة الاقتصادية التي يعانيها لبنان منذ عام 2019 بالتزامن مع رفع الدعم عن المحروقات وانقطاع كهرباء الدولة، مما أصاب جيوبهم بالتخمة، إلا أن لا رادع لهم، فلا أحكام صارمة ولا محاسبة، وبالتالي يتمسكون بالمقولة الشعبية “كل مين إيدو إلو”. علماً أنه في عام 2018 استفاقت الدولة على ضرورة تنظيم قطاع المولدات الذي من المفترض أن لا يكون موجوداً أصلاً.
ويظهر أن طرابلس تدفع الفاتورة الأعلى في لبنان لاشتراك المولدات، لا بل أن الاستيفاء هو حصراً بالفريش الدولار. ويتشاطر أصحاب المولدات بين منطقة وأخرى، تارة عبر رفض تركيب العدادات للمشتركين التي فرضتها وزارة الاقتصاد فيما مضى وفرض المقطوعية بالاكراه، وطوراً عبر احتكار المناطق ورفض وضع أي مولّد آخر منافس، لا بل فرض خوّة على الآخرين والتحكم بحاجة الناس الأكثر حيوية، معرضين أعمال الناس وحياة المرضى للخطر بالتزامن مع التقنين القاسي الذي تفرضه كهرباء الدولة.
هذا الأخطبوط في طرابلس والمناطق الشمالية يمد أذرعته ويحكم بقبضته لاعتقاده أن البلاد في حالة فوضى، وبالتالي ضعف التطبيق القانوني وغياب العقوبات الصارمة وغياب التدابير الرادعة يجعل المحاسبة في خبر “كان”.
وحرصاً منه على مصلحة أهالي طرابلس واحساساً بمسؤوليته، حمل رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي معاناة الأهالي لواءً وباتت شغله الشاغل، وانطلاقاً من خطوته الجريئة علم موقع جريدة الرقيب أن النيابة العامة في الشمال تحركت عبر القاضي زياد شعراني واستدعت كل أصحاب المولدات، الذين بدورهم مضوا تعهدات للإلتزام بالتعرفة التي تصدرها وزارة الطاقة، إضافة لتركيب العدادات كما ينص القانون.
وعلم موقع جريدة الرقيب أيضاً أن هناك إخبار تم تقديمه للمدعي العام في لبنان القاضي علي ابراهيم، على أن يستدعى أصحاب المولدات المخالفين بدءاً من الأسبوع المقبل.
ولاقت هذه الخطوة تشجيعاً من المواطنين وارتياحاً واسعاً لدى شريحة كبيرة منهم، فقد اتضح مؤخراً أن أزمة سيطرة كارتل المولدات الكهربائية على احتياجات الناس للطاقة الكهربائية يمكن أن ينتهي في حال اتخذت السلطة إقرار اصلاحات جذرية في هذا القطاع الحيوي والقبض بيد من حديد على القرارات ومحاسبة أصحاب المولدات المخالفين.
أخيراً يمكن القول أن معاناة الشعب اللبناني عامة والطرابلسي خاصة مع أصحاب المولدات لانهائية، فالفواتير تقصم ظهر المواطن، والدولة تبذل قصارى جهدها لمصّ القروش وتجويع جيوب الفقراء، ففاتورة المرض لم تكن كافية، والفواتير المعيشية والتعليمية والخدماتية لم تجلد المواطن بما يكفي بعد، ولم يتبقَ إلا كارتيلات المولدات والتحكم بمصير المواطن وتقطير الكهرباء له أو إنهاكه بالفواتير باهظة الثمن من أجل القضاء عليه ودفعه إما نحو الموت البطيء والحتمي أو الهجرة من بلاد أصبح العيش بكرامة فيها “لمن استطاع إليه سبيلا”.