خبر الان

وفاة بلا جثة ستسبب أزمة في العلاقات الدولية

بقلم لبنى عويضة… خاص جريدة الرقيب:

منذ ثلاثة أيام، ضجّ العالم بأسره بوفاة المعارض الروسي الأشرس “أليكسي نافالني” (47 عاماً)، حيث كان يمضي حكماً بالسجن لمدة 19 عاماً في القطب الشمالي وراء قضبان تقع في منطقة يامالو- نينيتس، ما أثار موجة تنديد دولية واسعة. لكن وفاة بحجم نافالين لم تمضِ مرور الكرام في العالم.

فقبل 7 أشهر من الحرب الروسية – الأوكرانية، هدد الرئيس الأميركي جو بايدن موسكو بـــ”عواقب مدمرة” في حال مات نافالني في السجن، وهذا ما يضع أميركا اليوم في مأزق ديبلوماسي كبير، خاصة أن الانتخابات الرئاسية الامريكية أصبحت قاب قوسين أو أدنى، فنافالني لم يكن السجين السياسي الوحيد في زنازين موسكو، لا بل يوجد أكثر من 700 شخص محتجز وفقاً لتقديرات منظمة ميموريال الروسية لحقوق الإنسان، أولئك الذين قرروا مواجهة النظام الديكتاتوري وقيادة حملات تناهض القمع الداخلي.

وصباح اليوم الاثنين أكد الكرملين أن التحقيق بوفاة نافالني مستمر، لكنه لم يسمح ولغاية اللحظة بالتوصل إلى نتائج، في الوقت الذي طالب أقرباؤه بالجثمان، لا بل مُنِعوا حتى من معاينة الجثة.

هذا وصرّح فريقه بأن السلطات الروسية أخبرت والدته بأن وفاته كانت جراء ما يسمى بــ”متلازمة الموت المفاجئ” ولن يتم تسليم الجثمان إلى أسرته قبل انتهاء التحقيق في وفاته، مما طرح عدة أسئلة من قبل فريقه وأقربائه، إذ أن متلازمة الموت المفاجئ تختلف عن السكتة القلبية المفاجئة.

لكن لماذا أثار هذا المعارِض المجتمع الدولي ودفعه للاهتمام به؟
أليكسي نافالني، الذي يحمل شهادة في الحقوق من جامعة ييل الأمريكية، يعتبر واحداً من أبرز المعارضين في روسيا، وقد اشتهر بمعارضته للرئيس فلاديمير بوتين.
تصاعدت شهرته في عام 2011، حيث قاد مظاهرات حاشدة في موسكو احتجاجاً على تزوير الانتخابات البرلمانية، وتمكن خلال هذه الفترة من إبراز قدراته الخطابية.
خلال الانتخابات البلدية في عام 2013، ترشح نافالني لمنصب رئيس بلدية موسكو، ورغم حلوله في المركز الثاني وراء مرشح الحزب الحاكم، إلا أن نتيجته كانت قوية وأعطت دفعة مهمة لموقعه في أوساط المعارضة.
لكنه واجه سلسلة من القضايا القانونية التي اعتبرها مؤيدوه عقاباً له على نشاطه المعارض، بما في ذلك إدانته بتهمة اختلاس في عام 2013 وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.
تعرض نافالني لمحاولات تسميم واعتقال متكررة، وقد أدت إحدى هذه المحاولات إلى دخوله في غيبوبة حرجة ونقله إلى ألمانيا لتلقي العلاج.

رغم محاولات السلطات لتشويه صورته، استمر نافالني في جهوده لكشف الفساد وكان له دور بارز في كشف الثروات المخفية للنخبة الروسية وحلفاء بوتين.

عندما عاد المعارض البارز أليكسي نافالني إلى روسيا، كانت لديه رسالة واضحة للجمهور الروسي وللعالم أجمع. بالرغم من التهديدات والمخاطر، عاد نافالني ليبقي على مواقفه ومعتقداته، مؤكداً أنه لا يمكنه التخلي عن وطنه أو قيمه. وفي تغريدة نشرها على حسابه في فيسبوك، أوضح نافالني أن الدفاع عن المبادئ يستحق التضحية، وأنه لا يمكن الاستسلام في وجه القمع والظلم.

عودة نافالني أثارت استغراباً كبيراً، خاصةً بعد محاولة اغتياله السابقة وتعرضه للسجن. لكنه لم يتردد في مواجهة مصيره المحتمل بقوة وإصرار. بالنسبة للكثيرين، قد تكون قراراته واضحة، ولكن للبعض الآخر، قد يكون الأمر أكثر تعقيداً. هذا الحسم والقوة في الوقوف للمبادئ والقيم كانا محور تقدير واحترام الكثيرين لنافالني، حتى بعد وفاته المؤسفة.

رغم أن البعض اعتبر أن عودته قد تجازف بحياته دون فائدة واضحة، إلا أنه بقي ملتزماً بمبادئه حتى آخر لحظة. ففي حياته الأخيرة، حمل نافالني راية المقاومة ضد القمع والفساد، وأثبت بذلك أنه لا يخشى من النضال حتى في ظل الظروف الصعبة والمحتملة.
إذن مع وفاة أليكسي نافالني، أُشعلت أزمة جديدة في العلاقات الروسية – الأميركية، والروسية العالمية، خاصة مع ترقّب سوق النفط والبورصة العالمية للأسعار والخوف من تأزم العلاقات أكثر مما هي عليه؛ فهل ستبقى وفاته لغزاً أم أن العملاق الأميركي سيهزم الدب الروسي؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى