Uncategorized

هذا ما جناه اللبناني من دولته… والهدايا بالجملة

بقلم لبنى عويضة… خاص موقع جريدة الرقيب:

تطول لائحة انجازات الدولة اللبنانية عبر السنوات، فهي بحاجة لمجلدات تحكي عنها وتتناول أدق تفاصيلها.
قد يعزو البعض تقصير الدولة إلى ما بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي ابتُليَ بها الشعب، لكن تقصير السلطة الحاكمة يمتد لسنوات طويلة مضت، بل أنها تعود لما قبل سنة 2019 بكثير.

وبسبب الانجازات التي لا تحصى ولا تعد، ماذا قدمت الدولة اللبنانية لأبنائها عبر السنوات؟
لا يخفى أن الفساد يستشري في الادارات الرسمية، في ظل سُبات المراقبة والمحاسبة وغيابهم إلا في حال الضرورة لتسجيل نقاط سياسية لطرف ضد الآخر، ولعل هذا الأمر انعكس على تعزيز الاقتصاد الانحداري وتدني القيمة الشرائية مردّه للفساد لا محال، فأهلاً بكم في جهنم وبئس المصير.

أما ومع استيطان الفساد، فقد هجر المواطنين ذوو الكفاءة والعلم لبنان، وتركوه لناهبيه، فقد باعوا كل ما ملكت أيمانهم وكفروا بما يسمى وطن ليهجروه بغير رجعة.
لكن حتى المغتربين لم يُستثنوا من جشع الدولة، فقد عوّل عليهم لإنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية عبر الأموال التي يرسلونها لذويهم بـــ”الفريش دولار”، مما أشعل شهية السلطة لتنهال الاقتراحات من أجل الاستفادة من الدولارات الآتية، علماً أن جنى عمر اللبناني والتي كانت وديعة في المصارف أصبحت بخبر كان لتزيّن حسابات بعض الحاكمين وانتقلت لهم، لا بل أنهم رقصوا على جثث المودعين بعدما شيعوا ودائعهم وانتهكوا أحلامهم.

والهدية الأعظم هي المعامل والمصانع التي شيّدت في مناطق سكنية مسببة أكبر نسبة سرطان للقاطنين في هذه الشوارع ومحيطها، وطبعاً إن صاحب المصنع ذو نفوذ واسع ولا يمكن أن تطاله المحاسبة أو أبسطها المراقبة.

وبما أن الشعب اللبناني صاحب عزيمة وإصرار، وإهلاكه بحد ذاته معضلة، فقد نصبت المشانق على الطرقات، هي المتمثلة بالحفر والجور وغياب شبه كامل للبنى التحتية، التي بدورها تحصد أرواح المئات في كل عام، مع غياب شبه تام للإنارة، مما يجعلها بحكم المقبرة، هذا في حال لم يتعرض الشخص لكمين مسلح والسطو على كل ما يحمل في جعبته مهما كان ثمنه.

وفي حال النجاة، فالموت بالانتظار على أبواب المستشفيات، حيث أن القطاع الصحي ينازع ويتكبد الخسائر ولا من مجيب، كما يدق الموت أبواب كل من يعجز عن دفع فاتورته قبل دخوله لطوارئ المستشفى حتى، أما طلب الدواء ونداء الطبابة فهو للميسورين.

بالمقابل، أصبح معاش اللبناني لا يكفيه لقوت يومه، فأسعار المواد الغذائية تسبب صدمة لجميع من يرتاد السوبرماركت دوماً، مما دفع بمعظم اللبنانيين للإستغناء عن مواد غذائية يعتبرونها ترفاً اليوم بعدما كانت أساسية.
ناهيك عن كلفة التنقل والمواصلات، فمن استغنى عن وسيلة النقل وسيارته، استبدلها بسيارات التاكسي أو التوك توك، وأيضاً تكاليفها لا ترحم.

واسناداً للأمر، قامت دولتنا العزيزة برفع الدعم عن المحروقات والطحين، مما أدى بفترة من الفترات إلى انتشار ظاهرة “الطوابير” وكانت نذير شؤم ومشاهد ترعب الرائي حتى الآن، في حال شاهد زحمة أو طابور.
أما اليوم وبعد تكثيف الاجتهادات والتفنن بفرض الضرائب مع ولادة موازنة 2024 المتعثرة، ارتفعت تكاليف الاوراق الثبوتية من اخراجات القيد وتكاليف جوازات السفر وغيرها من المعاملات إلى حد تبخّر الطوابع، لا بل أن تكلفة الموت لم ترحم بدورها، فأهل المتوفي بحاجة لترِكة كي يتمكنوا من دفنه.
ونصل إلى الإضرابات التي تشل الإدارات الرسمية، بعدما فقد الموظفين قيمة معاشاتهم، ويبدو أن حتى الوصول لأماكن العمل بات مستحيلاً، إذ يتراوح مرتب الموظف في القطاع العام بين 40 و 60 دولار.

إذن، هدايا الدولة اللبنانية لمواطنيها لا يمكن حصرها، لكن يبدو أنها وأخيراً قررت منح الحياة لفئة معينة من المواطنين وهم الأغنياء وذوي النفوذ، فأولئك بإمكانهم دفع الضرائب والعيش حياة كريمة إضافة لامتلاكهم قدرة النفقة على الدولة والفاسدين، أما الفقراء فلا مكان لهم في هكذا وطن… والبقاء للأغنى والأقوى!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى