فخ الرواتب والأجور يفضح تآمر الحكومة… والحكم للفلكلورية
بقلم لبنى عويضة… خاص موقع جريدة الرقيب:
امتصت حكومة تصريف الأعمال يوم أمس غضب الشارع ونزعت فتيل الاضرابات التي عمّت أرجاء المؤسسات العامة – كان أخطرها إضراب موظفو وزارة المال – وذلك عبر إقرارها لترقيعات الزيادات على الرواتب والتي لم يتم دراستها بشكل علمي ودقيق، ومن دون الإدراك من أين ستتوفر هذه الرواتب والأجور.
فما تداعيات إقرار حكومة الفوضى لزيادة الرواتب؟
في هذا الإطار يشير مستشار النائب فيصل كرامي للشؤون الاقتصادية د. حمدي درنيقة “أن الزيادة التي أقرتها الحكومة قد أربكت المواطنين وزادت من أزماتهم، تحديداً موظفي القطاع العام، وهذه الرواتب ستتألف من معاش أساسي مضاف إليه الحوافز، أما الفرق بينهما، فالمعاش الأساسي يحسب التعويض على أساسه، بينما الحوافز لا تدخل في أساس التعويض”.
وأكد درنيقة في حديث خاص لموقع جريدة الرقيب على أن “الزيادات التي أقرت تتراوح بين 400 و 1200$، وبالتالي طَرَح الأمر عدة علامات استفهام، وأبرزها: هل ستدفع الرواتب بالدولار أو باللبناني؟ ثانياً هل الـــ400$ هي بناءً على أصل الراتب أم أنه جزء من المعاش مع الحوافز؟ ثالثاً هل فعلاً الزيادات ستصل لــ400$ كحد أدنى أم لا؟”.
ويضيف قائلاً: “أن الأمور أخذت تتضح فيما بعد، إذ أن ما حصل هو نص الزيادات على إعطاء المديرين راتبين إضافيين على راتبهم الأساسي بحيث يصبح مجموع ما يتقاضونه 9 رواتب، أي أن رواتبهم تضرب بــ9 مرات؛ بينما الزيادات الأخرى ستكون على شكل حوافز، والتي تتألف من بدل حضور يومي للموظفين بين 8 و 16 صفيحة بنزين وبمعدل حضور 14 يوم عمل، إضافة لمكافأة مثابرة في حال أمّنوا حضوراً شهرياً كاملاً وفقاً لمعايير إنتاجية ستحدد لاحقاً، بحيث أن مجموع كل ما سبق سيصبح 400$ كحد أدنى”.
وأردف درنيقة بالقول: “أن تداعيات هذا الموضوع تنعكس بداية على عجز الموازنة التي لا تلبي الزيادة المطلوبة بالمعاشات المطروحة، إذ كان ينبغي على الحكومة رفعها بمرسوم لمجلس النواب من أجل إقرارها، وأنسب طريقة لإقرار هذه الزيادة هو من خلال الموازنة العامة، لأنه من خلال الأخيرة يتم وضع مختلف النفقات الموجودة والواردات، ومع إقرار زيادة الرواتب أصبحت النفقات تفوق الواردات، ولعل بعض النواب لم يوافقوا على موضوع الموازنة ولم يكن لديهم علم بالزيادة، وهي بالتالي “فخ للنواب”، وكان من بابٍ أولى أن يتم إدراج هذه الزيادات مع موازنة 2024”.
فيما أكد على أن “الزيادات على الرواتب ستكلف 34.800 مليار ليرة بالسنة، بينما الوفرة في الموازنة فهي بنقص حوالي 20 ألف مليار مبدئياً، والزيادة غير مدرجة بالموازنة العامة أصلاً، إذن الموازنة ما هي الآن لا تلبي هذه الزيادات، ولا وجود لجهة مُدينة في ظل العجز أمام صندوق النقد الدولي”.
من جهة أخرى أشار درنيقة إلى معضلة “الأخذ والرد حول ما إذا كانت الزيادات بالدولار أو باللبناني، حيث أن حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري يؤكد أن الدفع لن يكون بالدولار، وأنه لا يوجد في المصرف دولار أصلاً، ولأن الاحتياط الموجود في المركزي تقلص وأصبح حوالي 7 مليارات و100 مليون، وبالتالي إذا كانت طريقة الدفع باللبناني، فهذا يعني طباعة المزيد من العملة الوطنية، مما يؤدي حتماً إلى زيارة الكتلة النقدية ومن ثم التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار”.
وحول انعكاس زيادة الرواتب على أسعار السلع الغذائية، يؤكد درنيقة أن ارتفاع الاسعار الذي ينتظرنا كبير جداً، وفي حال ارتفاع الأسعار، حينئذ سنعود للدائرة نفسها. ليختم قائلا: “ان ما حصل هو تكمل لسياس التخبط والسياسة غير المدروسة التي اتبعتها هذه الحكومة”.
من جهة أخرى، وبعد اقرار الحكومة لهذه الزيادات، أعلن تجمّع موظفي الإدارة العامة تعليق الإضراب بدءاً من يوم غد الى يوم الجمعة المقبل في الإدارات كافة باستثناء وزارة المالية”.
إذن يتضح أن الحكومة وكعادتها لا تصدر أي مرسوم واضح، لا بل دائماً ما تتحفنا بالمراسيم الني تحمل التأويل والثغرات، فالعديد من علامات الاستفهام طرحت بدون الوصول لإجابات واضحة، بل كان الهم منكب على فك الاضراب وتخدير الموظفين تحت ضوء فلكلورية الحكومة اللامسؤولية، في ظل غياب الحلول الاقتصادية الشاملة التي من شأنها إعادة لبنان إلى المسار المالي السليم.