إيران انتصرت، وفرضت شروطها وأي خرق له عواقب وخيمة … بوصلة المواقف …
كتب جليل هاشم البكاء
جاء قرار وقف إطلاق النار ليؤكد حقيقة واضحة، وهي أن إيران لم تخرج من هذه المواجهة مجرد طرف في صراع، بل خرجت باعتبارها القوة التي فرضت شروطها، وأجبرت الآخرين على التعامل مع واقع جديد رسمته على الأرض. وقف إطلاق النار لم يكن تنازلاً أو إجراءً تقليدياً، بل جاء مشروطاً بتعويض إيران ومناقشة حقها في امتلاك التقنية النووية والتكنولوجية، وهو ما يعد اعترافاً بمكانة إيران الإقليمية وقدرتها على تغيير قواعد اللعبة.
الأرقام لا تكذب، فقد تخطى عدد المهاجرين الفارين من مناطق التوتر أكثر من 600 ألف مهاجر حتى الآن، وهو ما يعكس حجم القلق والارتباك الذي تسببت فيه الأزمة، ويبرز في الوقت ذاته قدرة إيران على التأثير المباشر في المعادلات الديموغرافية والسياسية للمنطقة. التصريحات المتكررة بأن أي تهديد لإيران سيقابله موجة هجرة جماعية لم تعد مجرد تهديدات إعلامية، بل تحوّلت إلى واقع ملموس يشهده الجميع.
توقيت وقف إطلاق النار ليس عابراً، فلو لم تأتِ عملية الفتح المبين التي غيّرت المعادلات على الأرض لصالح إيران، لما كان لهذا القرار أن يصدر بهذه الصيغة المشروطة التي تحمل في مضمونها اعترافاً ضمنياً بانتصار إيران. الخصوم، وعلى رأسهم القوى الدولية والإقليمية، كانوا يدركون جيداً أن التعجيل بوقف إطلاق النار قبل عملية الفتح المبين كان من مصلحتهم، لأنه كان سيحرم إيران من رصيد عسكري وسياسي كبير، لكنه جاء متأخراً، بعدما استطاعت إيران تثبيت أوراق القوة وفرض معادلات جديدة. بعد ضربها للقواعد الأمريكية.
اليوم، أي خرق لهذه الشروط أو محاولة للالتفاف عليها ستكون له عواقب تتجاوز حدود المواجهة المباشرة، فإيران أظهرت أن لديها القدرة والإرادة لتوسيع مساحة التأثير، سواء عبر ملفات الهجرة، أو التقنية، أو حتى التحركات الميدانية. الرسالة باتت واضحة: إيران قد انتصرت، وفرضت شروطها، ومن يظن أن بإمكانه تجاهل هذا الواقع سيدفع الثمن.
جليل هاشم البكّاء