لبنان

رسالة النبي محمد: بين بناء الإسلام وتأسيس قيم الإنسانية

د. بتول عرندس

منذ اللحظة التي أشرقت فيها أنوار الإسلام على الجزيرة العربية، جسد الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم شخصية فريدة أحدثت تغييرًا جذريًا في الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية للبشرية. حملت رسالة الإسلام التي أتى بها الرسول مبادئ راسخة ضد التعصب والفرقة، وسعت إلى إرساء قيم العدل والمساواة بين الناس، بغض النظر عن أعراقهم أو ألوانهم أو معتقداتهم.

مقالات ذات صلة

**رسالة الإسلام ضد التعصب والتفرقة**

كان الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم قائدًا حكيمًا وحاملًا لرسالة تدعو إلى التوحيد؛ ليس فقط توحيد الله، بل أيضًا توحيد البشرية تحت راية العدالة والمحبة. لم تكن رسالة الإسلام موجهة لجماعة معينة أو شعب محدد، بل كانت رسالة عالمية تهدف إلى تحرير الإنسان من عبودية الجهل والخرافات والتعصب. حارب الرسول كل أشكال التعصب والفرقة، ودعا إلى التآخي والمحبة بين الناس.

**موقف النبي من المرأة: رفع للمكانة الإنسانية وتكريم للمرأة**

قبل الإسلام، كانت المرأة تُعتبر كيانًا أدنى، وتتعرض للاضطهاد والإهانة في المجتمع الجاهلي، وصولًا إلى حد وأد البنات خوفًا من العار أو الفقر. جاء النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليعلن وبصوت عالٍ أن المرأة شريك في الحياة، تستحق التكريم والاحترام. فقد كرّمها الله بفاطمة الزهراء، كوثر من نهر الجنة، لتكون خير مثال للأم والأخت والابنة. واختار زوجته خديجة بنت خويلد عليها السلام ، ليس لجمالها أو ثرائها، بل لأخلاقها ودينها، لتكون أول من آمن برسالته وسانده في أصعب المواقف.

**دور النبي التربوي: مدرسة الرحمة والعطف على الأيتام والمستضعفين**

كان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم معلمًا ورحمة للعالمين، وكان ينتهج نهجًا تربويًا عظيمًا يركز على العطف والرحمة، خاصة تجاه الأيتام والمستضعفين. كان يأمر بكفالة اليتيم، ويشدد على حقوقهم وكرامتهم، مبينًا أن من يكفل يتيمًا يكون رفيقه في الجنة.

وقد ربى أحفاده الحسن والحسين وزينب عليهم السلام ليكونوا نموذجًا للأجيال على مر الزمان. كانوا مدرسة تربوية تحمل قيم العدالة والشجاعة والرحمة، وتسعى لترسيخ مفاهيم الأخلاق والفضيلة في المجتمع.

**أين نحن من نهج النبي اليوم؟**

اليوم، ونحن نعيش في عالم مليء بالتحديات والانقسامات، نجد أنفسنا في حاجة ماسة للعودة إلى نهج النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لنستلهم منه قيم الرحمة والعدالة والمساواة. أين علماؤنا وأصحاب المناصب من هذه القيم التي شدد عليها الرسول؟ هل نعمل بجد لرفع الظلم عن المستضعفين، ونقف إلى جانب الأيتام كما أوصانا النبي؟ إن الطريق لتحقيق النهضة والتقدم في مجتمعاتنا يبدأ بإحياء تعاليم الرسول واتباع خطاه في بناء مجتمع تسوده القيم الإنسانية النبيلة.

بهذا النهج، يمكننا أن نجد السبيل نحو بناء مجتمع يرتكز على العدل والمساواة، يعلي من قيمة الإنسان، ويعمل على إرساء دعائم السلام والمحبة بين كل أفراده. النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان وما زال رمزًا للأخلاق والفضيلة، وهو النموذج الذي يجب أن نسير على خطاه لتحقيق مجتمع أفضل.

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x