بهدف التصعيد… نتنياهو يجدد حربه النفسية ضد المنطقة
كتب محمد نادر العمري
إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو تعيد إنتاج حرب نفسية ضد دول المنطقة، لتحقيق أهداف معنوية ومادية، وهذا يتجلى في عدة محاولات أو تطورات برزت في الآونة الأخيرة، والتي سيتم ذكرها مع نقاط التفنيد لها:
أولاً أثناء رد الحزب في جنوب لبنان على اغتيال الشهيد فؤاد شكر، روجت القيادتين السياسية والعسكرية إنها نفذت عملية نوعية استباقية ضد الحزب، استطاعت من خلالها هذه القوات حماية تل أبيب من صواريخ الحزب البالستية، في حين وفق الصور التي بثت مباشرة لم يكن الحزب في صدد استخدام أي من هذه الصواريخ، بل كانت المنصات عبارة عن مجسمات للتمويه، ولجأ لاستخدام صواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة، والهدف الإسرائيلي من هذا الترويج، كان يكمن في ايجاد مبرر للنزول من أعلى الشجرة لعدم القيام برد مضاد قد يؤدي لحرب إقليمية، وتقديم نتنياهو على إنه الشخص الوحيد في الكيان القادر على الدفاع عن أمن إسرائيل وتحقيق مصالحها، فضلاً عن إبعاد النظر ولاسيما لدى الرأي العام الإسرائيلي عن الهدف الحقيقي الذي حدده الحزب ومحاولة تفريغ هذا الرد من مضامينه العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية.
ثانياً خلال المؤتمر الصحفي الذي أجراه نتنياهو منذ أسبوعين، أبرز وثيقة مكتوبة بخط اليد على شاشة كبيرة أمام وسائل الإعلام والإعلاميين، ادعى إنها منسوبة لقائد الجناح السياسي والعسكرية لحركة حماس “يحيى السنوار” تضمنت عبارات وجمل تمثل توجيها من قيادة الحركة لباقي عناصرها بالسعي لتحريك لخلق فوضى في الداخل الإسرائيلي من خلال تعزيز عوامل الانقسام، بالتزامن مع نشر صحف عدة بما فيها “بلومبيرغ” لوثيقة تفيد عن توجه السنوار نحو استخدام معبر فيلادلفيا لتهريب الأسرى الإسرائيليين الأحياء ونقلهم للخارج، قبل إن يظهر وزير الدفاع الإسرائيلي على وسائل الإعلام وبيده وثيقة مكتوبة عبر جهاز حاسوب ادعى إنه تم العثور عليها، وتتضمن مطالب حركة حماس لباقي قواتها بالحرص على استخدام الاسلحة والإشارة لنقص الذخيرة والعتاد البشري، هذه الوثائق و الادعاءات لم تكن حقيقية وخاصة بعد إعلام مايسمى الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيقات حول مضامين هذه الوثائق وكيفية تسريبها، مما يعني إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية المعنية بالقتال في غزة ليست على علم بهذه الوثائق، والهدف من هذه الادعاءات يتمثل في تحقيق عدة اهداف أبرزها: توجه نتنياهو لتخفيف الاحتقان والضغط الشعبي ولاسيما بعد العثور على ستى اسرى صهاينة مقتولين في رفح، ودعوة نقابة العمال للإضراب واتساع نطاق المظاهرات، إلى جانب تدعيم موقفه في إطار السعي لعرقلة التوصل لأي اتفاق وقف إطلاق النار من خلال إيجاد الذرائع والمبررات لبقاء سيطرة قواته على محور فيلادلفيا.
ثالثاً الأنباء المسربة عن قيام قوات البرية للاحتلال الإسرائيلي باختراق منشأة لإنتاج الصواريخ الإيرانية في سورية تابعة للحرس الثوري وتقع على بعد حوالي 6 كم جنوب غرب مصياف، من خلال مداهمة القوات الخاصة الإسرائيلية المنشأة، وحصولها على وثائق ومعدات مهمة، واختطاف علماء وقيادات إيرانية، هذا الادعاءات لن أقول بأنها كاذبة، ولكن من خلال محاكاة لغة العقل المنطقية، هي غير قابلة للتصديق في ظل وجود العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك، من أبرزها: شهادات اهالي المنطقة الذين تحدثوا عن حصول حرب حقيقية في تلك المنطقة من خلال عدة موجات من اطلاق الصواريخ والتصدي لها، فكيف يمكن إن تقدم قوات الاحتلال على ارسال طائرة تضم فريق بري للاقتحام في ظل وجود صواريخ في الاجواء، فضلا عن عدم سماع أهالي المناطق أي أصوات لطائرات بتلك المنطقة، كما إن المؤشر الثاني يكمن في أن نتنياهو الذي يزيف الحقائق ويروج لأكاذيب كان قد وظف تلك العملية في حال حصولها لتدعيم موقفه الداخلي وزيادة شعبيته، إلى جانب ذلك تعدد وتناقض الروايات التي تحدثت تارة عن استهداف مقرات دفاعي جوي سورية ثم مخازن اسلحة ثم مراكز بحوث كيماوية وصولا لمنشأة لانتاج الصواريخ البالستية وطائرات الدرونز، وعليه يمكن التأكيد إن هدف هذا الادعاء، يكمن في استمرار تبرير الاعتداءات الإسرائيلية على سورية لمنع وصول سلاح للحزب في لبنان أو لاستنزاف مقدرات الجيش السوري أو لتصدير انتصارات معنوية وإعلامية….إلخ، كما إنها تهدف أيضاً في محاولة إسرائيل لتشويه صورة ومكانة إيران على مستوى المنطقة والضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإبقاء قواتها في المتوسط.
محمد نادر العمري
كاتب وباحث في العلاقات الدولية