لبنان

الدولة والبيان الوزاري…!

كتب د . نزيه منصور

فَقَدَ لبنان بعد انسحاب الجيش السوري عقب اغتيال الحريري، إنجاز الاستحقاقات النيابية والحكومية والرئاسية التي كانت تحصل في موعدها من دون تمديد ولا حكومة تصريف أعمال طويلة العمر ولا فراغ رئاسي، كون الوكيل الدولي يمتلك صلاحيات تمنحه توجيه البوصلة كما تشتهي مصالحه وتسمية أصحاب الفخامة والدولة والمعالي والسعادة من القمة حتى القاعدة….!

وبعد تحقيق كذبة أصحاب السيادة والاستقلال، أصاب البلد مرض الفراغ والتمديد وتصريف الأعمال والفراغ الرئاسي وتشكيل الحكومات، وآخر مشهد كان مع انتهاء ولاية ميشال عون واستقالة حكومات وتكليف وتأليف وتمديد ولاية المجلس والهيئات الاختيارية، فتدخّل الراعي الدولي ورفع عصاه، عندها شعر الجميع بالجدية وتم ملء الفراغ الرئاسي وتشكيل حكومة تُحسِن اللغة الإنجليزية باللهجة الأميركية، وصدر البيان الوزاري، حيث تكررت كلمة دولة خمس عشرة مرة، وكأنّ الحكومة طويلة العمر اختصرت وحذفت الجميع من الشعب والأرض والسلطتين التشريعية والقضائية، فبدلاً من استعمال مصطلح حكومة ركزت على مصطلح دولة التي تقوم على ثلاثة أركان:

١- الأرض

٢- الشعب

٣-السلطات الثلاثة تشريعية والتنفيذية والقضائية

فالحكومة هي عنصر من الركن الثالث، بالتالي قد ارتكبت خطأ جسيماً وجوهرياً، إذا كان عن جهل فتلك مصيبة، وإذ كان عن قصد فالمصيبة أكبر، خاصة أن رئيسها رجل قانون وقاضٍ في محكمة العدل الدولية، كما أن الحكومة تضم محامين ووزراء سابقين، لكنها أصابت في مسؤولية الدولة في واجب تحرير الأرض من الاحتلال وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وتجاهلت المادة ا٥ منه التي تنص على حق الجيش والشعب وكل القوى بمواجهة الاحتلال والتي تشمل المقا.ومة ضمناً مراعاة لصاحب العصا الطويلة والعريضة…!

ينهض مما تقدم، أن البلد يعيش عقدة القاصر، ويحتاج إلى مرجع إقليمي أو دولي يدير اللعبة، ويساير الجميع ويستفيد من اللغة العربية من خلال استعمال مفردات قابلة للتأويل وتبني كلمة دولة بغير موردها الدستوري والقانوني على قاعدة دولة الرئيس وفخامة ومعالي وسعادة، وهي مصطلحات لا تُسمن ولا تُغني من جوع وليس لها أي اسباب موجبة أو مبرر قانوني…!

بناءً عليه، يقتضي على المجلس النيابي لدى مناقشة البيان الوزاري تصحيح هذه الأخطاء..! والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يصحح المجلس ذلك؟

د. نزيه منصور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى