لبنان كرة طائرة…!
كتب د نزيه منصور
لم يعد لبنان دولة مستقلة ذات سيادة، بل تحوّل إلى كرة تتقاذفه الأيادي بين العواصم الإقليمية والدولية، بدءاً من واشنطن مروراً بباريس والقاهرة والرياض والدوحة وصولاً إلى دمشق الجولاني…!
حاولت باريس أن تعيد وصايتها من خلال رئيسها ماكرون، الذي حاول المونة على أعضاء المجلس والمكلف تشكيل حكومة نجيب ميقاتي لكنه فشل، وبدلاً من التنحي كلف لودريان بمتابعة الملف، الذي طاب له مناخ لبنان وملأ فراغه بسبب تقاعده في بلده (aller- retour) رايح جايي على لبنان، حتى شغرت كرسي بعبدا مع ولادة الخماسية، دبلوماسي رايح دبلوماسي جايي، كوكتيل فرانكو ع انغلو آراب ومن دون فائدة…!
وإذ بالمارد الأميركي يخرج من القمقم ويحسم الأمر، ويستخدم خاتم لبيك، فكان جوزاف عون رئيساً ونواف سلام رئيساً للحكومة….!
وتفتقت مواهبه وطموحاته نتيجة تناوله حليب السباع أميركي لا نيدو ولا نستله، وبلغت تصريحاته الزبى، حتى حذف فريقاً لبنانياً من جذوره وجعله من الماضي والعدو يحتل أراضٍ لبنانية والتي تجاوزت خمسة عشرة نقطة، أضف إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بل بلغ البعض من أعضاء حكومته الناطق الأول باسم الحكومة والعهد والمجلس على قاعدة انا ربكم الأعلى ويا ارضي اشتدي وما حدا أدي…!
ورافق ذلك زيارة إلى دمشق احتفاء ومد اليد إلى دولة جولاني لعل الأمور تستقيم بين بيروت ودمشق. وإذ بهيئة تحرير الشام تغزو الأراضي اللبنانية وتهجر الأهالي وتقتل وتحرق وتسرق، فما كان من الجيش اللبناني والأهالي إلا أن ردوا العدوان، وإذ بوزير الدفاع يعلن عن زيارة زميله السوري، ومن دون مقدمات يعلن عن التأجيل ونقل اللقاء إلى مدينة جدة، وتم تحديد زيارة الرئيس عون لبضع ساعات إلى باريس في ٢٨ من الشهر الجاري، مع العلم أن مبعوث ماكرون حلت بركاته على المثلث الرئاسي دون أن يعلن عن سر هذه الزيارة. معقول ما عنده علم أن الحكومة تشكلت ونالت الثقة وكرسي بعبدا لم تعد شاغرة..!
وأمام هذا الحراك، تبقى المندوبة السامية الأميركية صاحبة الفصل بكل الاتجاهات والمواضيع…!
ينهض مما تقدم، أن لبنان تحوّل إلى ملعب كرة طائرة، بسبب صغر مساحته وقلة عدد اللاعبين، ومعظمهم زيادة عدد، لأن الأميركي غير مستعجل على إنهاء الأزمات اللبنانية، فهو يعطي الآخرين دوراً ثانوياً لتمرير الوقت وتحقيق الأهداف خدمة لمصالحه وخاصة قاعدته المتقدمة والمتمثلة بالكيان الصهيوني…!
وعليه تطرح تساؤلات منها:
١- إلى متى يبقى لبنان ملعباً للقوى الخارجية؟
٢- لماذا تم نقل الاجتماع من دمشق إلى جدة؟
٣- هل تم اختيار جدة مرجعية لإدارة كل من سوريا ولبنان؟
٤- هل قررت واشنطن أن تكون جدة مركزاً ووكيلاً لها بدلاً من الدوحة؟
د. نزيه منصور