لبنان

واشنطن والمحكمة الجنائية الدولية….!

كتب د نزيه منصور

ناقش مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بعد الموافقة عليه من قبل مجلس النواب الأميركي بأغلبية ٢٤٣ صوت مقابل ١٤٠ صوت. وخلال المناقشة، أعلن عدد من الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أنهم يتفقون مع بعض مضامين هذا المشروع لكنهم اعتبروه واسع النطاق، وهذا ما يغضب حلفاء واشنطن، ويعاقب موظفين لا ناقة لهم ولا جمل…!

وحثّ زعيم الأكثرية، الديمقراطي تشاك شومر زملاءه على التصويت برفض المشروع، واتهم المحكمة الجنائية الدولية بالانحياز ضد إسرائيل. وأضاف أن الصياغة تضر بشركات أميركية تقدم خدمات الأمن الالكتروني للمحكمة ضد القراصنة الأجانب، معتبراً أن ذلك يجعل مشروع القانون غير ملائم في شكله الراهن…!

وقد ورد التشريع تحت عنوان: مكافحة المحكمة غير الشرعية، وينص على معاقبة أي أجنبي يحقق أو يدّعي على مواطنين أميركيين أو رعايا حلفاء غير منضمين للمحكمة الجنائية الدولية ومنها إسرائيل أو يقوم باحتجازهم أو ملاحقتهم قضائياً. والأسباب الموجبة لهذا المشروع هو إصدار مذكرتي اعتقال بحق كل من نتن ياهو ووزير حربه المُقال غالانت، نتيجة حرب الابادة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة،  والتي زادت على مئة وستين ألف شه.يد من الأطفال والنساء والشيوخ، فضلاً عن تدمير البنى التحتية….!

ينهض مما تقدم، أن الولايات المتحدة الأميركية تعاني من انفصام في شخصيتها المعنوية في إدارتها وهيمنتها على العالم، فيما تغض النظر عن الجرائم التي ترتكبها ربيبتها إسرائيل ومواطنيها والحلفاء، وتمنحها براءة مطلقة أمام القضاء الدولي أو الوطني في بلد،  تعاقب القضاء الدولي المتمثل بالمحكمة الجنائية الدولية، ضاربة عرض الحائط القوانين والمواثيق والمعاهدات والأعراف الدولية. كما أن الفرق بين موافقة مجلس النواب ورفض مجلس الشيوخ ليس في الجوهر، بل في الخشية من إلحاق الضرر بالمصالح الأميركية، وهو بحاجة لتعديل فقط، وهذا يثبت أن هدف كل من المجلسين هو معاقبة المحكمة الجنائية الدولية ولكن في الشمولية..!

وبناءً عليه، يثبت بالبرهان القاطع أن واشنطن تفرض قوانينها الوطنية على العالم بأسره، وهذا بحد ذاته يخالف مبدأ عدم تطبيق القوانين الوطنية خارج أقاليمها….!

د. نزيه منصور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى