الإمبراطور والإمبراطورية! من سياسة الأخلاق إلى أخلاق السياسة!
هو ترامب الذي لوّح بالتوقف عن شراء النفط من فنزويلا، لأنّ لدى الولايات المتحدة ما يكفي، لكنه لم يتوقف عن فرض العقوبات عليها.
هو ترامب الهائج الذي فرض رسوماً جمركية مشدّدة على الواردات الصينية أثناء ولايته الأولى، متهِماً الصين بممارسات تجارية «غير نزيهة»، ومتوعّداً بزيادة الرسوم الجمركية مجدّداً على المنتجات الصينية، ما جعل نائب رئيس الوزراء الصيني في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس يحذر من «أن لا رابح في الحروب التجارية، وأنّ
الحمائية لا تقود إلى مكان».
هو ترامب الذي قرّر أن يعيد «العصر الذهبي لأميركا»، ويريد فرض رسوم جمركية وضرائب على دول أجنبية ومنها دول منطقة اليورو، وبالذات ألمانيا، ما دفع بالمفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، ليحذر بعد خطاب ترامب، من أنّ أيّ نزاع تجاري ستكون كلفته الاقتصادية كبيرة على الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة.
رئيس وزراء فرنسا فرانسوا بايرو حذّر من انّ فرنسا والاتحاد الأوروبي قد يُسحقان بسبب سياسة ترامب المعلنة إذا لم يتحركا لمواجهتها، ورأى أنّ الولايات المتحدة تريد اتّباع سياسة مهيمنة بشكل لا يصدق من خلال الدولار.
كما أنّ المسؤولة في البنك المركزي الأوروبي إيزابيل شنابل لم تستبعد حرباً تجارية مع الولايات المتحدة، ورأت أنه أمر محتمل جداً في ظلّ رئاسة ترامب، محذرة من أنّ الأمر ستكون له عواقب سلبية على الحركة التجارية والأسعار.
هذا الذي ينتظره العالم من ترامب، وهو بهيَجانه وتلويحه بالقوة، يذكّرنا بعبارة شهيرة للزعيم الصيني ماو تسي تونغ يقول فيها: «تولد القوة من ماسورة البندقية». فكيف الحال مع ترامب إذا كانت قوة الولايات المتحدة تولد ليس فقط من فوهة بندقية واحدة، وإنما من فوهات بنادق عديدة: عسكرية، واقتصادية، ومالية ونقدية، وإعلامية، ما يجعل الرئيس الأميركي على الدوام أكثر هيجاناً، يفعل ما يشاء على الساحة العالمية، ويثور متى أراد ودون أي اعتبار لحقوق الآخرين، ضارباً عرض الحائط بالقوانين والأعراف، والاتفاقات الدولية، التي تلزم دول العالم وبالذات الولايات المتحدة لتوقف سطوتها واستبدادها، وعنجهيتها، وفلتانها الذي تجاوز كلّ الحدود…
*وزير الخارجية والمغتربين الأسبق