لبنان

  • بين أورتاغوس وتوماس براك السياسة واحدة

    بقلم الكاتب نضال عيسى

     

    غريب أمر اللبنانيين الذين يصبحون خبراء عند كل حدث. ومحللين عند تعيين مبعوث جديد دون الرجوع للأرشيف؟

    لقد فرشوا الأرض زهوراً لأستقبال ملكة جمال البرتقال مورتان أورتاغوس مهللين لجمالها الخارجي وغير مدركين لحقدها الداخلي الذي تلائم مع مَن يقف بوجه المقاومة فرأى فيها (المخلص) من سلاح الحزب وبدأت فرق (تمسيح الجوخ) بتسليمها التقارير عن واقع لبنان المأزوم نتيجة وجود المقاومة (من وجهة نظرهم طبعا”)

    استكمالا” للأنبطاح أكثر امام الإدارة الأميركية الجديدة

    ما زاد من حماستها الحاقدة وخرجت عن أصول الدبلوماسية وعبرت عن دفاعها لإسرائيل بوقاحة، فقط لأنها رأت هؤلاء اللبنانيين الذين أستقبلوها قد عبدوا الطريق أمامها فكانت مهمتها أكثر سهولة نتيجة تخاذلهم بحق مَن يفترض أن يكونوا أبناء بلدهم؟

    فأخرجت للعلن ما كان يجب وحسب تعليمات إدارتها أن يكون سريا” ما يحصل عند لقاء المعارضين للمقاومة ظنا” منها بأنهم يستطيعوا تغيير الواقع خصوصا” بعد وقف إطلاق النار، فكانت النتيجة فشل دبلوماسي كبير لها وفضيحة أكبر للقوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع الذي كان (عراب) التحريض على الثنائي الوطني أمامها ومن خلال الأبواق التي يطلقها على القنوات الإعلامية.

    لقد تأكدت الإدارة الأميركية فشل مبعوثتها للبنان وقررت أستبدالها بعد اللقاء الثاني مع خصوم حزب الله في لبنان وتصريحها الشهير وحملة الترحيب بكلامها من قبل القوات وفريقهم، ولكن عندما حدد اللقاء مع دولة الرئيس نبيه بري وضع النقاط على الحروف وخرجت من عين التينة مدركة بأن لبنان لديه مقاومة عسكرية ومقاومة سياسية وحاضنة شعبية لا يمكن لأي دولة التأثير عليها

    فقررت الإدارة الأميركية تغيير أورتاغوس وتعيين البديل؟

    وهنا على مَن كان يهلل لها أن ينتبه جيدا” وعلى المؤيدين للمقاومة أيضا” أن لا يفرحوا كثيرا” فالبديل لا يقل حقدا” عنها وهو يملك الخبرة الدبلوماسية والحنكة في هذا المجال وبالتالي هو ينفذ تعليمات إدارته المؤيدة بشكل كامل للعدو الإسرائيلي

    فالبديل (توماس براك) هو صديق شخصي للرئيس الأميركي ترامب وهو السفير الأميركي لدى تركيا وهو المبعوث الخاص لسورية.

    من هنا يجب أن نعلم بأنه يملك معلومات كبيرة عن الشرق الأوسط وبالتالي هو يفاوض بشكل مباشر الإدارة السورية الجديدة وهذا يكفي لنعلم حجم الحقد الذي يملكه تجاه المقاومة

    وفي كل الحالتين لا نستطيع إلا أن نصف مَن يقف مع الإدارة الاميركية في مطالبها بنزع سلاح المقاومة إلا بفاقدي الكرامة فهم أنفسهم الذين يفرشون الورود أمام مَن يكون مبعوثا” أميركيا للبنان ويعتبرون أنفسهم سياديين

    كانوا ينحنون أمام غازي كنعان

     

    وقال سيادة قال….

     

    نضال عيسى

  • صراع الأيديولوجيا والتكنولوجيا…!

     

    عرف النصف الأول من القرن الماضي حتى ما قبل القرن الواحد والعشرين، حضور الفكر الأيديولوجي خاصة الفكر القومي والأممي والديني، ونشأت منظمات وأحزاب هنا وهناك استقطبت عنصر الشباب والشابات. وما كاد ينتهي القرن العشرين في العقد الأخير، حتى بدأت التكنولوجيا تطل برأسها في تطور هائل، فجهاز الكمبيوتر الذي كان حجمه ضخماً جداً تحوّل إلى محفظة، ووسائل التواصل بدءاً من الخليوي وأخواته تطوّرت، حيث سيطرت التكنولوجيا وأزالت الحواجز بين الأفراد والجماعات وسهّلت المعاملات وألغت التعقيدات الإدارية في مختلف دول العالم باستثناء العالم المتخلف، وحدّت من الفساد وضاعفت التواصل الاجتماعي والعملي، وقصّرت المسافات وحجّمت من استخدام الورق وتحوّل العالم إلى جهاز لا تتجاوز مساحته مساحة الكف الواحد ….!

    ينهض مما تقدم، أن الأيديولوجيا تراجعت وتقدمت التكنولوجيا على الساحة الدولية، وكادت تتحكم في الأيديولوجيا وتحركها وفقاً لمصالحها، وفرّعتها إلى تنظيمات وعصابات تتناحر فيما بينها وفقاً لإرادة التكنولوجيا، حتى برز الذكاء الاصطناعي كلاعب أول في كل المجالات وتعطل الفكر البشري الذي اعتمد التقنية في كل صغيرة وكبيرة، كل ذلك حصل في أقل من ثلاثة عقود….!

    وعليه تطرح تساؤلات عدة منها:

    ١- هل انتهى عهد الأيديولوجيا إلى غير رجعة؟

    ٢- إلى أين يتجه العالم في ظل هيمنة التكنولوجيا؟

    ٣- هل يمكن المزج بينهما وإيجاد حالة توازن تخدم البشرية؟

    ٤- ماذا حقق الفكر الايديولوجي للإنسانية؟

    د. نزيه منصور

  • قمة أم جمعية…!

     

    انعقد في عاصمة الرافدين مؤتمر قمة عربية تحت شعار: (الحوار والتضامن والتنمية) في دروتها الرابعة والثلاثين على مدى بضع ساعات، في غياب معظم الرؤساء والملوك والأمراء، الذين تمثلوا بدرجة ثالثة وما دون، في ظل الأزمات التي تغص بالأمة من المحيط إلى الخليج والنزاعات فيما بينها، وتتقدم فلسطين الجرح النازف على مدى ثمانية عقود مع ذكرى يوم النكبة في الخامس عشر من شهر مايو ١٩٤٨….!

    تأسست جامعة الدول العربية سنة ١٩٤٥ من سبع دول عربية نالت استقلالها، لتلتئم مع كل عام وفي مؤتمرات استثنائية، ومن أهدافها التضامن العربي وحل الأزمات والخلافات والتعاون في كل المجالات. المؤسف أن كلمات المشاركين تفتقر إلى الحد الأدنى من طموحات أي عربي من المحيط إلى الخليج، وقد تمخض عنهم بياناً إنشائياً أقرب منه إلى بيان جمعية خيرية تتوسل أصحاب رؤوس الأموال لمساعدة الفقراء، والدم الفلسطيني ينزف مع شريكه اللبناني، وهذا يؤشر إلى عجز المؤتمرات عن تحقيق أي هدف من الأهداف التي ولدت من أجلها ويصح فيها قول المثل: تمخض الجبل فولد فأراً….!

    ينهض مما تقدم أن القمم العربية فشلت فعلاً ذريعاً منذ نشأتها حتى تاريخه، وخير دليل على ذلك هو حضور ترامب إلى الرياض والذي أمر بجلبهم وحاضر فيهم، وسددوا له فواتير الأمن والأمان عبر مبلغ ثلاثة آلاف وستمئة مليار دولار، بينما في مؤتمر بغداد تكرّم العراق

    بأربعين مليون دولار موزعاً بالتساوي ما بين لبنان وغزة لإعادة الإعمار، والعدو يستمر بالتدمير والقتل والتهجير، فأي مؤتمر هذا يستجدي المجتمع الدولي لوقف العدوان، مما يشجع العدو على المزيد من القتل والتدمير والتهجير ….!

    وعليه تثار تساؤلات عدة منها:

    ١- لماذا غاب معظم طرابيش الأنظمة وتمثلوا بوكلاء؟

    ٢- هل منظمة الجامعة العربية اسم على مسمى والأزمات تعم الوطن العربي؟

    ٢- لماذا هرول ملوك وأمراء مجلس تعاون الخليج للقاء ترامب؟

    ٤- لماذا لم يقرر المؤتمر مقاطعة الكيان وإلغاء التطبيع؟

    د. نزيه منصور

  • الشيعة بيضة القبان…!

     

    أثبتت الطائفة الشيعية أنها رحى الوطن وحصنه الحصين وسده المنيع مع كل استحقاق وطني، رغم الإساءات والاتهامات والتهديدات، ولنا في الاستحقاق الرئاسي والوزاري والبلدي شهود حية حيث فشلت كل المراهنات المحلية والخارجية في الحؤول دون وصول جوزيف عون إلى بعبدا وملء الفراغ الرئاسي، لأن من سار معه بضغط أميركي لم يكن يتوقع تبنيه من الثنائي،  وبالتالي يحققون ما يريدون من دون غضب الأميركي وأتباعه. فقد تم التفاهم معه على آلية العمل وتدوير الزوايا في كل الملفات، ومنذ انتخاب عون صارت الأمور على ما يرام. وفي الاستحقاق الحكومي كان التعاون واضحاً وجلياً من خلال اختيار أعضاء الحكومة من الطائفة الكريمة بمعايير دقيقة، وكذلك الأمر في البيان الوزاري حتى نيل الثقة…!

    وما يجري الآن من استحقاق بلدي وخاصة في العاصمة بيروت وعقدة التمثيل المسيحي بين أكثرية مسلمة وأقلية مسيحية من الناخبين وموضوع المناصفة…!

    لحفظ التوازن يجهد الثنائي لتحقيق المناصفة، رغم الهامش الواسع مع قوى مسيحية تخاصم وتشهّر بالمقا.ومة وسلاحها وتتناغم مع توجهات العدو، مع ذلك تتعالى عن الأحقاد والخلافات السياسية وتكرس الوحدة الوطنية وخاصة في العاصمة بيروت..!

    راهن البعض على فك اللحمة بين المقا.ومة وأهلها من خلال الاستحقاق البلدي والاختياري، وإذ بنتائج الانتخابات تسقط الرهانات وتؤكد أكثر من أي وقت مضى أن الوفاء لدماء الشهد.اء يضاعف من التمسك بالوحدة في مواجهة العواصف والرياح، أياً يكن مصدرها، وأن معظم البلديات فازت من دون منافسة، بينما على الجانب الاخر تناحرت الأحزاب والعائلات وتحالف الضد مع الضد وتفرّق الأنصار مع الأنصار والحليف مع الحليف وقس على على مختلف الساحات….!

    ينهض مما تقدم، أن الطائفة الشيعية وطنية بامتياز، وأن الحرب العدوانية التي شنّها العدو وقصفه لمختلف المناطق التي كانوا يتواجدون فيها وطالت عائلات وأشخاصاً لم تلوِ ذراعها، بل خرجت أكثر قوة، وأكدت أنها الدرع الواقي والحصن الحصين لنسيج الوطني اللبناني عند كل استحقاق، من دون مِنّة ولا جميلة من أحد،

    فهذا الأمر من المسلمات والبديهيات في الفكر الإسلامي والأنبياء والرسل والائمة الأطهار من الإيمان والارادة والتضحية..!

    وعليه تثار تساؤلات عديدة منها:

    ١- ما سر هذه الطائفة؟

    ٢- لماذا يُشهر البعض سلاح الخصومة؟

    ٣- هل سقط الرهان على فصل البيئة عن المقا.ومة؟

    ٤- هل أصابت أم أخطأت في تبني جوزيف عون وتأييد الحكومة؟

    د. نزيه منصور

  • ترامب ونتنياهو طلاق خَلعي أم إنفصال مؤقت؟ إسرائيل ككيان تبقى في وجدان أميركا

    كَتَبَ إسماعيل النجار

     

    ترامب ونتنياهو طلاق خَلعي أم إنفصال مؤقت؟ إسرائيل ككيان تبقى في وجدان أميركا،

    وقعت بينهم الواقعه وتدحرجت كرة الثلج إلى إن بلغت حجماً يُعجَز عن حمله، إذ تشير المصادر إلى وجود خلافات متزايدة بين الرئيسين الحليفين حيث يشعر ترامب بخيبة أمل من نتنياهو وقرر التحرك في قضايا الشرق الأوسط دون التنسيق معه بعدما تمادَىَ النتن بضروب جنونه في فلسطين وحولها، فتدهور العلاقة الشخصية بين الرجلين مع تبادل مشاعر الإحباط، واعتقاد ترامب أن نتنياهو يتلاعب به، وهو ما يثير غضبه،

    الخلاف بينهما يتركز على اختلاف الرؤى الاستراتيجية، حيث تسعى واشنطن إلى مفاوضات مع إيران وتهدئة الأوضاع في غزة، بينما تتصرف تل أبيب بعدوانية تجاههم واتجاه لبنان وسوريا وتعارض بعض الاتفاقات التي لا تخدم مصالحها السياسية، وعدم إطلاعها على تفاصيل اتفاق الهدنة مع الحوثيين أثار غضبها، الأمر الذي إنعكس توتراً بين الطرفين،

    خيبة أمل ترامب من نتنياهو تتركز على عدم وفائه بوعوده واتخاذ قرارات حاسمة بملفات التطبيع مع الدول العربية، ورفضه دعم خطوات أمريكية سلمية ضد إيران، لذلك زيارة ترامب المرتقبة للشرق الأوسط لن تشمل إسرائيل، ما يعكس تراجع التنسيق بينهما إلى الدرجة صفر، والخلافات تعكس توتراً استراتيجياً بين واشنطن وتل أبيب، حيث ترى واشنطن أن استمرار مصالحها في المنطقة يتطلب تغييرات في الحكومة الإسرائيلية، بينما تحاول تل أبيب تأجيج التوترات لمنع واشنطن من المضي قدماً بدونها.

    باختصار الخلاف بين الرجلين يتجلى في تباين في الاستراتيجيات الإقليمية، وفقدان الثقة، وغياب التنسيق في ملفات حيوية مثل إيران، وغزة، والتطبيع مع الدول العربية، هذه الأمور أدَّت إلى قطع الاتصال الذي سيؤثر إيجاباً على السياسات الأميركية في الشرق الأوسط وترامب يعتزم المضي قدماً في خطوات إقليمية دون انتظار أو تنسيق مع إسرائيل، ما يعني تحرك واشنطن بشكل مستقل في ملفات مثل وقف إطلاق النار في غزة أو التعامل مع الحوثيين، رغم عدم رضا تل أبيب.

    تهميش إسرائيل هذا في صنع القرار الأمريكي يقلل من تأثير نتنياهو على السياسة الأميركية، ويعكس رغبة ترامب في فرض رؤيته الخاصة للشرق الأوسط بعيداً عن المساومات الإسرائيلية. في هذه الأحوال إن فقدان التنسيق بين الطرفين قد يؤدي إلى تنفيذ طروحات أميركية أحادية الجانب وفرضها كواقع، بالتالي قطع الاتصال مع نتنياهو يعكس أزمة ثقة وتبايناً في المصالح، ويجعل السياسات الأميركية أكثر انفرادية في المنطقة، مع احتمال تصاعد التوترات بين واشنطن وتل أبيب حول الملفات الحساسة، هذه المسألة دونها مخاطر ونتائج وخيمة على تل أبيب من قِبَل واشنطن، مثل إتخاذ إجراءآت بوقف الدعم العسكري حالياً، وتوقف أميركا عن الدفاع عن سمعتها السيئة عالمياً، وفرض عزلة دولية من حولها، وربما تكون هناك قَبَّة باط أميركية لتصعيد إقليمي ضدها من قِبَل إيران وحزب الله وحماس قد تؤدي إلى حرب إقليمية أوسع، وتؤثر داخلياً على المجتمع الإسرائيلي وعلى أمنهِ، أيضاً،، التوتر الحاصل بينهما هو عنصر قوة لإعداء إسرائيل وقد يؤثر على أمنها القومي وعلى التنسيق الأمني والأستراتيجي، ويؤثر على قدرة إسرائيل على مواجهة التهديدات الإقليمية في ظل ما تعانيه من اليمن.

    تغيير أولويات واشنطن هذه الأيام سببها أن إدارة ترامب وجهت التركيز على إعادة بناء غزة بعد الحرب ودعم جهود السلام مع الفلسطينيين، بينما إسرائيل تعارض هذا التوجه، ما يزيد من الخلافات ويؤثر على الدعم الأمريكي المستقبلي لأمن إسرائيل.

     

     

     

  • تمدّد وتوحّش «إسرائيل» وغيبوبة العرب!

    د. عدنان منصور*

     

     

    ليس هناك من أمة في العالم القديم والحديث تعاطت مع قضاياها الوطنية والقومية باهمال وضعف، واستخفاف، وخنوع، مثل ما يتعاطى العرب مع قضاياهم الوطنية والقومية التي تطال في الصميم وجودهم ومصيرهم، وأمنهم القومي منذ قرن من الزمن وحتى اليوم!

    من عجائب وغرائب الأمور أنّ العرب، قادة، وزعماء، وسياسيين، وعسكريين، يعلمون ما يخطَّط لهم من مشاريع ومؤامرات، وما يهدّد دولهم، وما يُبيّته العدو الخارجي لهم من سياسات مدمرة، مكشوفة للعلن. رغم ذلك يبقون حيالها مسمّرين، مجمّدين، كمن على رؤوسهم الطير!

    لم يتوقف السياسيون، والمحللون، والمنظرون، والإعلاميون، والكتاب العرب، عن الحديث عما يخططه الغرب للعالم العربي، وما تحضّره «إسرائيل» بكلّ جهارة وتحدّ للدول العربية، دون أن تعير أيّ اهتمام لحكامها، ودون أن تتوقع منهم أيّ ردّ فعل يجنّب دولهم الخطر المحدق بها، ويثبتوا للعالم كله، أصدقاء وأعداء، انهم عند الاستحقاق، يدهشون العالم بمواقفهم ووحدتهم الصلبة، ويستميتون في الدفاع عن اوطانهم وشعوبهم!

    هل من دولة أو أمة في عالم اليوم، تجد نفسها، تحت التهديد الدائم، وتتعرّض للاستباحة، والقتل، والمجازر، والتدمير، والتقسيم، دون أن تحرّك ساكناً؟! ما حال العرب إزاء ذلك؟! ايّ نوع من أنواع الأمم وقادتها، هي أمة العرب التي يلحق بها الذلّ والهوان، ولا تتحرك، ولا تنتفض، فيما «دولة» الاحتلال الإسرائيلي تتقدّم على أكثر من جبهة، وتجتاح ما بقيَ من جبهات؟!

    هل ما قامت به الحركة الصهيونية، وأذرعها العسكرية الإرهابية، كالأرغون، والهاجانا، وشتيرن قبل قيام الكيان، وما قامت وتقوم به «إسرائيل» بعد تأسيسها، من حروب، وإبادة، وتهجير، يشكل مفاجأة لنا ولأحرار العالم، وهي التي تستند منذ عقود، إلى مزاعمها التلمودية، ونواياها التوسعية؟

    إذا كانت «إسرائيل» واضحة تماماً في سياساتها التوسعية، فما الذي فعلناه على مدى 77 عاماً من عمر الكيان المؤقت؟! متى تبنّى العرب خطة لمواجهة العدو واستمروا فيها ونفذوها بحذافيرها؟! متى خرج العرب من عجزهم، وتفككهم، وتمزقهم، وخلافاتهم، وتناحرهم، وحذرهم، وعدم الثقة من بعضهم البعض؟!

    لم يتبنّ العرب يوماً في ما بينهم سياسة واحدة ليصمدوا معاً، ولم يتفقوا على دبلوماسية واضحة ليفاوضوا معاً، ولم يجتمعوا على خوض حرب ضدّ العدو ليحاربوا معاً، ولم يعتزموا على مقاطعة العدو وحصاره معاً، ولم يضعوا خطة لتحرير أراضيهم من المحتلين لتنفيذها معاً!

    على مدى عقود تتقدّم «إسرائيل» في احتلالها، ويتراجع العرب عن حقهم، وبين التقدّم والتراجع، انهارت دول وقسّمت أخرى! هل أدرك قادة العرب و»فحول» الأمة، و»الغيارى» عليها، وأخذوا على محمل الجدّ، مسؤوليتهم الوطنية والقومية إزاء ما كان «يبشر» به قادة وزعماء «إسرائيل» منذ عقود؟!

    هل كانوا يعون ويستوعبون مشروع النظام الصهيوني ـ نظام أرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل ورفائيل ايتان رئيس هيئة الأركان ـ، الذي يتعلق بخطط «إسرائيل» الاستراتيجية المستقبلية، الذي نُشر في 14شباط/ فبراير عام 1982 في مجلة «كيفونيم» الإسرائيلية؟! ألم يحدّد البرنامج، الدول التي سيطالها مخطط «إسرائيل»؟! إنْ كانوا قد وعوه، فما الذي فعلوه لوقف الانهيار؟! لماذا الركوع أمام «إسرائيل» حتى تأخذ منهم كلّ شيء، ولم تعطهم شيئاً؟! ما الذي جنته منهم، وما الذي جنوه منها؟! ما الذي أعطته السلطة الفلسطينية لـ «إسرائيل»، وما الذي أخذته منها؟! ما هذه الأمة التي يفرّط قادتها، بوجودها، وتاريخها، وسلامتها، ومستقبلها، وأمنها القومي؟! متى كانت الدول الحرة تعترف بمحتلها غير دول عربية. تظرفه وتضعه في موقع الصديق والحليف؟!

    كيف لأمة أن تستفيق من سباتها العميق، وتنهض وتحصّن وجودها ووحدة أراضيها، فيما دولها تنبطح للعدو، وتنخرط وتزجّ نفسها بشكل مريب في حروب عربية داخلية، تزعزع أركانها، وتمزق أوصالها، في الوقت الذي يركز فيه الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي على تفكيك الدول العربية الى وحدات صغيرة؟!

    لقد عرفت «إسرائيل» منذ البداية حقيقة العالم العربي من حيث مشاكله، وانقساماته، ومكوناته العرقية، والقومية، وعجز وفشل قادته في حلّ مشاكله الأساسية، حيث اعتبرت العالم العربي بمثابة «قصر من ورق بنته القوى الخارجية ـ فرنسا وبريطانيا ـ خلال العشرينات من القرن الماضي».

    على مدى عقود، ركزت «إسرائيل» على المكونات العرقية، والطائفية، والقومية، والاجتماعية، ومشاكلها الداخلية، وراهنت عليها في تفكيك دول العالم العربي.

    ألم تدعم «إسرائيل» الحركة الكردية في العراق، وانفصال جنوب السودان، وتُقِم شبكة علاقات قوية مع مكونات في سورية ولبنان؟! ألم يركز المشروع على «أنّ تقسيم لبنان إلى خمس مقاطعات، ينبئ بالمصير الذي ينتظر العالم العربي أجمع بما فيه مصر وسورية والعراق وكلّ الجزيرة العربية، فيما الأمر بات منجزاً في لبنان»؟! ألم تدعم «إسرائيل» حركات انفصالية في دول المغرب العربي الكبير؟! ألم تعمل في الخفاء على تأجيج الحالة الطائفية بين المسلمين والأقباط في مصر؟! ألم يلحظ مشروع شارون ـ إيتان، قبل 43 عاماً انّ سورية «ستكون مسرحاً لحرب أهلية حقيقية بين الأغلبية السنية والأقلية العلوية»؟! ألم يذكر مشروع شارون ـ إيتان، «أنّ الهدف السياسي لـ «إسرائيل»، هو تفكيك مصر، وتقسيمها إلى وحدات جغرافية منفصلة… وسوف يصبح لدينا دولة مسيحية في مصر العليا وعدد من الدول الأخرى، بدلاً من الحكومة المركزية الحالية، فهذا هو التطور التاريخي المنطقي، غير الممكن تجنّبه على المدى البعيد الذي أخّرته اتفاقية السلام لعام 1979»؟!

    ألم يؤكد المشروع على «أنّ الهدف الأكثر إلحاحاً لـ «إسرائيل» على المدى البعيد، تحقيق اضمحلال سورية والعراق. وتحوّلهما إلى مقاطعات عرقية ودينية كما هو الحال في لبنان، ويعتبر الهدف على المدى القصير تحقيق الانحلال العسكري لهاتين الدولتين؟! ألم يؤكد على «تقسيم سورية إلى عدة دول بحسب الجماعات العرقية، بحيث ان الساحل سيصبح دولة علوية، ومنطقة حلب دولة سنية، ومنطقة دمشق دولة أخرى سنية معادية لجارتها الشمالية، وسيشكل الدروز دولتهم الخاصة التي يمكن أن تمتدّ إلى جولاننا، وبكلّ الأحوال في حوران وشمال الأردن!»

    أما العراق، فيعتبره المشروع الإسرائيلي، «أرضاً مثالية لتحرك إسرائيل». إنّ تفكيك هذا البلد يهمّنا أكثر من تفكيك سورية. وستتشكل فيه ثلاث دول حول المدن الرئيسية: كردية في الشمال، سنية في بغداد، شيعية في الجنوب».

    أما لجهة الأردن، يؤكد المشروع على «أن تركز الخطة الإسرائيلية سواء العسكرية أو الدبلوماسية على تصفية النظام الأردني، ونقل السلطة إلى الأكثرية الفلسطينية. سوف يحلّ هذا التغيير في النظام الأردني مشكلة أراضي الضفة الغربية، وذلك عن طريق الحرب أو عن طريق شروط السلام، ويجب أن يحصل ترحيل السكان من هذه الأراضي، ورفض مخطط الحكم الذاتي… لن يكون هناك حياة مشتركة سلمية في هذا البلد، إلا عندما سيفهم العرب بأنهم لن يعرفوا لا وجوداً، ولا أمناً إلا بعد تحقيق السيطرة اليهودية من نهر الأردن حتى البحر، ولن يحصلوا على وطنهم الخاص وعلى أمنهم إلا في الأردن».

    هذه هي خطة «إسرائيل» الاستراتيجية منذ عقود، التي عملت على تحقيقها بشكل كبير وممنهج، فيما العرب يكتفون بالمؤتمرات، والشعارات، والخطابات، والبيانات، والتنديدات، والاستنكار، واللطم والندب والبكاء على أطلال أوطان لا يستحقونها!

    متى يعي قادة العالم العربي ما يُحاك ضدّ بلدانهم الممدّدة على مذبح التقسيم والتقزيم والتذويب؟! إنْ كانوا يدركون كارثة ما يحصل في غزة والضفة الغربية، من إبادة جماعية، وتماد العدوان والاحتلال الإسرائيلي على لبنان وسورية، واحتلال أجزاء من أراضيهما، وارتكاب جرائم وتصفيات جسدية بحق طوائف، وهم يعلمون وراضون بالعار والذلّ عندئذ سنقول لأحفاد «أبو عبد الله الصغير» آخر ملوك الأندلس: وداعا للأوطان، للكرامة، للوطنية، وللشرف العربي كله…

     

    *وزير الخارجية والمغتربين الأسبق

  • سر التزامن بين وقف إطلاق النار وعودة المفاوضات…!

     

    أعلنت سلطنة عمان على لسان وزير خارجيتها وقف إطلاق النار بين صنعاء وواشنطن، وأكد ذلك الرئيس الأميركي ترامب أثناء لقاء مع رئيس وزراء كندا، كما نقلت ذلك مصادر يمنية. تزامن ذلك مع غارات جوية صهيونية على البنى التحتية اليمنية شملت مطار صنعاء ومحطات الكهرباء ومصانع الترابة. جاء ذلك بالتوازي مع تحديد إعادة المفاوضات بين طهران وواشنطن يوم الأحد القادم في ١١ أيار ٢٠٢٥ في مسقط وليس في روما حيث كان مقرراً سابقاً في الجولة الرابعة…!

    تسربت معلومات، أن وقف إطلاق النار لم تعلم به تل أبيب خلافاً للقواعد، التي تلزم كل من واشنطن وتل أبيب إعلام الآخر مع كل تفصيل، تحديداً في الصراع القائم بين الكيان المؤقت والمحور وكل المنطقة وغيرها، خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية ترعى وتدعم وتوفر للكيان كل ما يحتاجه، فهو قاعدة أميركية بامتياز ….!

    ينهض مما تقدم، أن التطورات المفاجئة أي عودة المفاوضات بين طهران وواشنطن، ووقف إطلاق النار بين واشنطن وصنعاء، وفي الوقت ذاته العدوان على المرافئ المدنية في اليمن، وهذا يتناقض ويهدد المسارات المنوه عنها أعلاه، وبالتالي عدم ردة فعل اميركية تجاه الكيان، يفيد أن الصمت الأميركي هو موافقة ضمنية وينتج عنه فشل المفاوضات ووقف إطلاق النار، وإلا على ترامب اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه عصابة نتن ياهو التي تمارس الإرهاب ليلاً نهاراً ومنع لقمة العيش عن الشعب الفلسطيني في غزة…!

    وعليه تثار تساؤلات عديدة منها:

    ١- لماذا تم وقف إطلاق النار فجأة بين صنعاء وواشنطن؟

    ٢- لماذا تزامن ذلك مع تحديد الأحد القادم موعداً للعودة إلى المفاوضات بين طهران وواشنطن؟

    ٣- هل تتوقف كل الجبهات في غزة وتل أبيب وصنعاء؟

    ٤- هل يفرض ترامب على نتن ياهو وقف العدوان أم يتجاهل؟

    د. نزيه منصور

  • لبيك واشنطن …!

     

    ما شاء الله عهد جديد وحكومة واعدة، كل منهم يرتل الأوامر الأميركية صباحاً ومساءً، وقبل الظهر وما بعد الظهر مع أخذ قيلولة الظهر…!

    من خطاب القسم إلى بيان الحكومة وتصريحات الوزراء وصولاً إلى الحاكم المالي الذي (دوبل) على الجميع ووضع أول أولوياته مؤسسة (القرض الحسن) وتعهد بتلبية سيدة العالم الولايات المتحدة، وهو يعلم أن القرض الحسن هي المؤسسة الوحيدة التي حفظت وأنقذت مدخرات اللبنانيين من المال والذهب، وقدّمت المساعدات من دون فوائد وأدت دوراً فعالاً في الاقتصاد اللبناني إيجاباً، بينما مصرف لبنان أكل الأخضر واليابس. وخير شاهد هو سلفه الملاحق قي الداخل والخارج بجرائم مالية وفي مقدمتها اختلاس أموال….!

    وزير يريد مواجهة العدو بالبريستيج، ووزير بده ينزع سلاح الحز.ب، وآخر حدد مدة ستة أشهر، رئيس حكومة سلاحه ١٧٠١، رئيس الجمهورية لا سلاح غير سلاح الشرعية. مع العلم، أن سلاح المقا.ومة حرر لبنان من الاحتلال في عام ٢٠٠٠ وأفشل العدو في ٢٠٠٦ وفرض معادلة المنطقة الاقتصادية، ومنع العدو من الاجتياح ٢٠٢٣ و٢٠٢٤…!

    حسناً فعل سيد العهد ورفع الصوت أن الأولوية هي لانسحاب العدو من النقاط الخمسة ووقف اعتداءته واختراقه للسيادة اللبنانية، والباقي يعالج بالغرف المغلقة وليس عبر الإعلام….!

    ينهض مما تقدم، أن الحكومة سلمت لواشنطن كل الأوراق التي تمتلكها وتعمل على تسويق حاجات العدو من النافذة الأميركية، وهذا يتنافى مع الحد الأدنى من السيادة والاستقلال، وهذا الزحف الأعمى يسقط البلد في الحضن الأميركي غير الشرعي. يمكن الانحناء بين ١٥ و٢٠ درجة حتى يجلس البلد، أما مع الزحف والانبطاح فيذهب البلد إلى غير رجعة ويسقط ورقة التين….!

    وعليه تثار تساؤلات عدة منها:

    ١- لماذا هذا الانصياع الأعمى للأميركان؟

    ٢- لماذا يضع حاكم مصرف لبنان على رأس جدول أعماله القرض الحسن؟

    ٣- إلى أين تريد الحكومة إيصال لبنان؟

    ٤- ما هي الضمانات في حال تحقق حلم تسليم السلاح من دون نزع والذي فشل العدو بنزعه على مدى ٢٢ سنة من الاحتلال؟

    د. نزيه منصور

  • بهدوء: عندما يتقاطع مقامرو الوطن مع مصالح «إسرائيل»!

     

    د. عدنان منصور*

     

     

    مَن يتتبّع بدقة مسار الحياة السياسيّة في السنة الأخيرة في لبنان، وبالتحديد، قبيل وقف إطلاق النار مع «إسرائيل» وبعده، الذي لم تلتزم به أساساً، ويراقب مواقف وتصريحات العديد من السياسيين، والإعلاميين، وقادة أحزاب وناشطين، ومسؤولين، ومحللين، ومنظرين، حيال ما يجري في لبنان من تطورات خطيرة متسارعة، تهدّد وجوده، وسيادته، وأمنه القومي، ووحدة أرضه وشعبه، وتضع مصيره على طريق المجهول، لا بدّ له من أن يتساءل: هل هؤلاء يعون ويدركون جيداً بموضوعيّة، ومسؤوليّة وطنيّة عالية، خطورة الأحداث، والتحديات، والضغوط، التي يشهدها ويواجهها لبنان الرسمي والشعبي، داخلياً، وإقليمياً، ودولياً، بعيداً عن الحسابات الضيقة الخاطئة، والمصالح الشخصية، والارتهان للقوى الخارجية، والاحتماء بها، بحثاً عن موقع، أو منصب، أو زعامة، أو منفعة أو نفوذ؟!

    عندما يقع الوطن، أيّ وطن كان، تحت نير الاحتلال، تترتب على حكامه ومسؤوليه وجيشه وشعبه، مهمة تحريره بأيّ شكل من الأشكال. في هذه الحال يصبح الجميع معنيّاً بالمهمة العليا التي تقع على عاتقهم. إذ لا مجال عندئذ للاجتهاد والتنظير، والتردّد، والخنوع، والمزايدة. إما أن يكونوا مع تحرير الوطن، وإما أن يكونوا جسراً وحصان طروادة للعدو المحتل.

    أثناء مواجهة الاحتلال، تسقط الخلافات، وتوضع النظريات، والخصومات والعداوات السياسية جانباً، لأنّ الجميع على مركب واحد، فإذا ما تعرّض لعطل خطير وطاقم المركب في جدال عقيم حول كيفية إنقاذه، سيؤدي حتماً إلى غرق المركب بكلّ ما فيه، ليجد مكانه في قاع البحر.

    أن يكون جزءاً من أرض بلد ما، كلبنان، تحت الاحتلال، وتعلو في داخله أصوات نشاز مشبوهة من هنا وهناك، تغازل العدو، وتدفعه، وتحرّضه، وتشجّعه بكلّ وقاحة، وبأسلوب معيب قبيح، وبإيحاءات ملتوية بغية حضّه على الاستمرار في عدوانه، فهذا جنون مطبق، وغدر وخيانة ما بعدها خيانة.

    شعوب عديدة سبق لها أن تعرّضت للاحتلال خلال مسيرة تاريخها الطويل، فهل وجدنا شعباً يقف جزء منه مع المحتلّ لأراضيه؟! عندما تتعرّض منطقة أو إقليم من وطن إلى عدوان خارجي، يهبّ الشعب بأجمعه، ويقف وقفة واحدة للدفاع عن وطنه بكلّ ما أوتيَ من قوة.

    عندما دخل النازيون الغزاة باريس، ووقعت تحت الاحتلال الألماني، هل وقف ابن مرسيليا، أو ليون أو بوردو، أو غيرها، موقف الشامت، المتفرّج، اللامبالي بها، او المتواطئ مع المحتلين، أم أنه هبّ هبّة واحدة بمقاومة عنيدة شرسة للدفاع عن بلده لدحر الاحتلال النازي؟!

    هل انقسم الجزائريون، والفيتناميون، والروس، والهنود، والصينيون والأميركيون اللاتينيون، وغيرهم من الشعوب، عندما أرادوا تحرير بلدانهم من المحتلين والعزو الخارجي؟! أم أنهم وقفوا وقفة واحدة، وانطلقوا جميعاً لتحرير أرضهم وشعبهم؟!

    لماذا يشكّل اللبنانيّون ظاهرة استثنائية غريبة، فريدة، عجيبة من نوعها في علاقاتهم، وتعاطيهم مع الشقيق، والصديق، والعدو، إذ أنهم لا يتفقون في ما بينهم على توصيف صديق، ويختلفون على تصنيف العدو، فيصبح الصديق عدواً، والعدو صديقاً!

    إذا كان اللبنانيّون لم يتفقوا بعد على كتابة تاريخ واحد عن بلدهم، يتوافق عليه الجميع، فكيف يمكن لهم حماية وصون سيادة الوطن، وتعزيز وحدة شعبه، في ظلّ أصوات ومواقف متشنّجة وتصريحات، وتعليقات، وتغريدات مستفزة تتعارض مع الدستور، أبعد ما تكون عن الالتزام بالمسؤولية والوطنية، والوعي القومي، والشعور الأخوي، والحسّ الإنساني، في حين يصعب على المراقب، أو المتتبّع للشأن اللبناني، معرفة ما إذا كانت مواقف هؤلاء، وتغريداتهم وتصريحاتهم، صادرة عن لبنان أو عن تل أبيب!

    لصالح مَن، وفي خدمة مَن تصبّ حملات الكراهية، والشماتة، والحقد الأسود الدفين، والتحريض على شريحة واسعة من أبناء الوطن؟! هل تحصّن هذه الحملات الهدّامة وتقوي وترسّخ في المقابل سائر المكونات الوطنية الأخرى، وتعزز من وجودها، وقوّتها، وحضورها، ووحدتها على الساحة اللبنانية، وتوفر لها الأمان والاستقرار مستقبلاً، أم أنّها تعرّضها لاحقاً لمشاكل جمة وتطورات وهزات عنيفة لا تصبّ في صالحها ولا في صالح لبنان، وهي بغنى عنها؟!

    ألا تحمل التطورات الخطيرة المتفجّرة، والتهديدات الإسرائيلية المتواصلة للبنان، في داخلها أحلاماً وأساطير توراتية توسعية على أرضه، حيث لم يتوقف العدو «الإسرائيلي» عن التلويح بها من آن إلى آخر، والعمل على تنفيذها على الأرض خطوة بعد خطوة؟!

    هل يعلم الحمقى الذين يروّجون للعدو، ويبرّرون عدوانه، ويتمنّون من كلّ قلبهم استمراره في عملياته الحربية ضدّ لبنان، وما يبيّته ويحضّره له ولشعبه، وما يُظهره ويخفيه من أطماع تقوّض أسس وطنهم ووجوده؟! ما الذي يفعله هؤلاء لمنع العدو من تنفيذ خريطته التوراتيّة على أرض لبنان، وما هي الوسيلة، وما هو العمل الذي يقومون به لإجهاض الحلم الإسرائيلي؟! هل بالدبلوماسية التي لا جدوى منها مع العدو، أم بتشريع أبواب الجنوب ليستبيح لبنان أرضاً، وعمراناً، وبشراً؟!

    إلى متى هذا العداء المستحكم، وهذه الكراهية المتجذرة في نفوس العديد من اللبنانيين المقامرين، والمغامرين بلبنان من مختلف الطوائف دون استثناء، المشبوهة مواقفهم، المرتمين والمرتهنين دون تحفظ للخارج، والداعمين للعدو سراً وعلانيّة؟! هل شمت الفرنسي بمواطنه، وتآمر عليه، واستنجد بالألمان عندما سقطت فرنسا في يد النازي؟! وهل استقوى الجزائري وتآمر على أبناء بلده، واستعان بفرنسا أثناء مقاومته للاحتلال الفرنسيّ لبلده؟! بمرارة، وبصراحة تامة دون تحفظ، نتساءل: لماذا يتمنّى البعض في لبنان انتصار العدو على إبن وطنه؟! لماذا يغضّ النظر عن عمد واضح لا لبس فيه، ويلتزم السكوت إزاء ما يقوم به الجيش الإسرائيلي من تدمير، وقتل، وتهجير، ويصمت كصمت «أبو الهول»، دون أن يرفّ له جفن، أو يبدي القليل القليل من العاطفة الأخوية، والحسّ الإنساني، والشعور الوطني، أو القليل القليل من»المحبة» تجاه من يتقاسم معهم الوطن والأرض، والأمل، والمستقبل؟!

    بأي منطق، وضمير، وشرف، وأخلاق، يشجع مسؤول، أو سياسي، أو ناشط، أو إعلامي، أو كاتب، أو «منظر» أو مغرّد على وسائل التواصل في لبنان، العدو بصورة مباشرة وغير مباشرة، وبخبث شديد، بتصريحاته وكتاباته، وتغريداته على الاستمرار بعدوانه، وتكثيف اعتداءاته على اللبنانيين.

    متمنياً من أعماق قلبه أن يسجل العدو انتصاراً ساحقاً على مَن يقاوم عدوانه؟!

    لماذا يتهافت هؤلاء سريعاً على نشر أعداد الشهداء والجرحى لتسجيل موقف شامت لا متضامن، دون أن تصدر عنهم إدانة للعدوان الإسرائيلي، أو تنديد بالمجازر التي يرتكبها يومياً؟! هل لأنه يريد أن يبرّر ما يقوم به العدو يومياً من اعتداءات على لبنان؟! لماذا يظرّف هؤلاء القاتل، ويشمتون بالمقتول، لتظهر فرحتهم الواسعة على صفحات وجوههم الصفر، وفي أدبيات ومفردات تعليقاتهم، وتحليلاتهم، في كلّ مرة يرتكب فيها العدو جرائم قتل، ودمار، وتهجير، وخراب بحق أبناء المدن والقرى؟! نشوة حقد، وعمالة، وخيانة، وعار، يلمسها المراقب بكلّ وضوح، وقد طبعت على جبين من آثروا الولاء الشديد والانبطاح للإمبراطورية المستبدة، وللمحتلّ الإسرائيلي. نشوة خالية من الوطنية والضمير الإنساني، تأتي على حساب الوطن، وشعبه، وقضيته، ووجوده. هؤلاء لا تعنيهم سيادة وطن، وإنْ تشدّقوا بها، ولا تعنيهم كرامة شعب، ولا تحرير أرض، بقدر ما تعنيهم مصالحهم الشخصيّة، ونهم شهيّتهم للسلطة، والجاه، والمال، والنفوذ.

    لهذا الصنف من «البشر» نقول: لا تراهنوا على الخارج ونفوذه. وقوته، ومصالحه، واحتضانه المؤقت لكم. علاقتكم به كعلاقة العبد مع سيده، فعند أول مفترق طريق سيلفظكم العدو، ويرميكم، ويدوسكم بأقدامه، مثل ما فعل مع غيركم عندما انتهى من مهمته معه.

    وحدهم الأحرار الشرفاء، ملح الوطن، يبقون ملتصقين بالأرض، ويحافظون عليها بالعرق والدم والدموع، ما دام فيهم عرق ينبض، وإنْ تكالَب عليهم ذئاب العالم من كلّ مكان!

     

    *وزير الخارجية والمغتربين الأسبق

  • الأمريكي والحجير…!

    الأميركي والحجير…!

    طالعتنا وسائل الإعلام على اختلافها بخبر مفاده أن وفداً عسكرياً أميركياً يتجول في جنوب الليطاني، وأولى بركاته قد انطلقت من وادي الحجير برفقة الجيش اللبناني، أما القوات الفرنسية فقد راحت تتجسس على أحراج الحجير وتبحث عن أسلحة العز والكرامة…!

    الحجير السيد عبد الحسين شرف الدين،  الحجير أدهم خنجر، الحجير صادق الحمزة، الحجير مقلع الرجال، الحجير معبر التحرير ٢١ أيار ٢٠٠٠، الحجير محطم نظرية الجيش الذي لا يُقهر، الحجير مقبرة الميركافا ٢٠٠٦، الحجير العاصي على الاحتلال في الماضي والحاضر المستقبل…!

    يحاول الأميركي أن يغيّر التاريخ، ويسجل

    الجيش الاميركي أنه مرّ من هنا ويوجه رسالة للكيان المؤقت نحن هنا اطمئنوا، ولبيئة المقا.و.مة بأن لا عودة إلى الوراء، وهو يعلم أن أخذ الصور والتجول في المنطقة لن تحقق للعدو شهيته وأهدافه ولا أمنه ولا فرض شروطه، والذي سبق للاحتلال الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي أن واجه ثورة ومقا.ومة عاملية زلزلت استعماره. وها هو الأميركي يحاول التحرك بغطاء الجيش اللبناني والقرار ١٧٠١ وتفاهم وقف إطلاق النار وترؤس اللجنة المولجة تنفيذ وقف إطلاق النار وانسحاب العدو وعودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم، والتي لم تحقق أي خطوة في تحقيق الأمن والأمان ولا عودة الأهالي الذين تحدوا العدو بلحمهم الحي، حيث استغل العدو وقف إطلاق النار بالتقدم عشرات الأمتار واغتيال العزل وتدمير المنازل وسرقة أشجار الزيتون المعمر، دون أي احتجاج او رفع الصوت من اللجنة الضامنة للأمن والأمان، حتى بلغت القلوب الحناجر وخرج الأمين القاسم محذراً أن صبرنا قد بدأ ينفذ وقد أعذر من أنذر….!

    يبدو أن الأميركي غاب عن باله ما حصل للقوات متعددة الجنسيات التي دخلت إلى لبنان عامودياً وعادت أفقياَ وتجاهل هزيمة الكيان المؤقت في ٢٠٠٠ و٢٠٠٦ والفرنسي ١٩٢٠…!

    ينهض مما تقدم أن الأميركي يراوغ ويمهل العدو ويراهن على يأس البيئة ورفع الراية البيضاء،  وهذا لم يحصل في الماضي ولن يحصل لا في الحاضر ولا في المستقبل، كما  أن اختيار وادي الحجير  نقطة انطلاق هو خيار خاطئ خاطئ…!

    وعليه تثار تساؤلات عدة منها:

    ١- لماذا اختار الأميركي وادي الحجير ولم يبدأ من نقاط الاحتلال؟

    ٢- ما هدف هذه الرسالة الاستفزازية؟

    ٣- هل فعلاً بلغت القلوب الحناجر  والتاريخ يكرر نفسه وعلى الباغي تدور الدوائر؟

    ٤- هل ترفع عاملة الرايات البيضاء؟

    د. نزيه منصور

زر الذهاب إلى الأعلى