سورية

  • هل ستكون حكومة وطنية ام كسابقاتها..!!؟؟

     

    صباح الخير لجمعة مباركة لوطننا وشعبنا وامل نراه في حكومة لابد قادمة تفصلنا عنها ايام ..

    السيد الرئيس بشار الأسد الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي يُجري مشاورات مع القيادة المركزية للحزب حول تكليف رئيسٍ لمجلس الوزراء، لتشكيل الوزارة الجديدة ..!!؟ .

    وزارة جديدة تحت عنوان الرهان على مستقبل الوطن وشعبه ومواجهة التحديات ..!!، فالحكومة القادمة هي الحقيقة التي ستقرر كل شىء في مستقبل الوطن وكل المتغيرات فيه وكيف ستكون في كل مفاصل مؤسساتنا الوطنية ..!!؟ .

    الحكومة القادمة في الساحة الوطنية اليوم هي من ستقرر ..!!، هل سيكون النصر للوطن وشعبه وبعمل جاد وحقيقي لصناعة الامل وتحقيقه بصحوة الضمير الجادة .. لطالما كان هو شعار الوطن وسيد الوطن، أم أن الظلام سيستمر ويسود ليبقى الفساد سيد الساحة ومستقبل الوطن الضالع في متاهات القرارات المتراكمة التي لا تجدي نفعا ولا تاتي حلا إلا لاصحاب المصالح والمحسوبيات تجار الأزمة وامراؤها أثرياء اليوم القادمون من المجهول، ممن ملك منهم الكثير من المشاريع خارج الوطن والمولات والشركات وكأنهم لا يعلمون أن الوطن يعلم كل شىء ..!!، وأن لكل وقته أمام الوطن ليعرى ويحاسب بعد أن يقر ويعترف من اين كان له كل هذا وهو عامل وموظف كان ليس اكثر ..!!؟؟ .

     علما الشارع الوطني يعلم علم اليقين من اين وكيف أتوا, وكيف بنوا امبراطوريات أموالهم وثراءهم الذي نراه اليوم واقع لاتراف لامحدود ..، بعيدا عن السؤال المطلوب وطنيا : من اين لك هذا ..!؟!؟، يوما كان من يملك مالا في الوطن يجعل منه نموذجا وطنيا أمام الشعب في تعاونه وتكافاه مع الوطن وحكومته، ومشاريع المياه والكهرباء ومسار الفرنك والفرنكين ..!!، تشهد للوطن أنه وطن كان بكل معنى الكلمة ..، فقد ملك أبناء الوطن الكبار يوما الوطن كله، وساروا بكل بنيانه ومستقبله ولم تكن أسماؤهم نراها وقليلا كنا نسمع عن بعضها ..!!؟؟، لكننا وكما نرى هذا البعض اليوم الذي لم يتعب بتحصيل أمواله مدعيا غناه وقراره والكل يعلم ما كان بالأمس ومن أبوه ومن أمه ويعلم من اين أمواله المنهوبة من الوطن بتسمات واهية لأعمال واهمة ..!!؟؟

    ما بات محسوما وثابتا بالرهان على مستقبل الوطن هو هذه المواجهة والتحديات الوجودية والمصيرية التي لا مخرج لها الا في حالتين هما : الهزيمة للوطن وشعبه للإستمرار في إذلاله ودماره الممنهج ..، أو الانتصار للوطن والشعب بسياسة الاصرار والتصميم على تحقيق الامل وحلم الوطن الذي لن يتحقق إلا بالعمل ..، فمن يهزم لابد سيواجه النهاية المحتومة وسيزول ..، ومن ينتصر هو من لابد سيسود ..، فنحن أمام تحديات وجودية لوطن وشعب ..!! .

    الثابت والمحقق أن رهاناتنا الوطنية لم تجدي نفعا حتى اليوم مادمنا نطالب بتحقيق الحلم والامل متجاهلين العمل وضرورة الاخلاص بالعمل ليجدي الوطن والشعب نفعا كما طالب مناديا بصوت ابدي لقائد الوطن بتحقيق الامل الذي لن يكون إلا بالاخلاص بالعمل ..!!؟ .

    إن سياسة الفساد المستشري ثقافة للواقع اليوم والى جانبه حكومة تخدم مصالحهم كما سبقها من الحكومات قد حزمت الامر منهجا لها ولمصالحها لتصبح في ظاهرها اوهام لا تمت للواقع وحقيقته بصلة للمصالح الخافية ..!!، فلا برامج ولا دراسات ولا جولات ولا حلول تفيد الوطن وشعبه الا باجتاث الفساد من جذوره المستشرية عمقا والمتغلغلة في كل مفاصله واوصاله، والعقاب لابد أن يطال كل الفاسدين الغادرين بالوطن وبترحيلهم إلى مصيرهم جهنم النار التي تنتظرهم وبىس المصير سيكون ..!! .

    سيد الوطن القرار انتم ونحن الشعب إلى جانبكم كنا وسنبقى معكم من أجل سورية التي تحتاجكم وتحتاج حكومة حقيقية جادة لها سيادة القرار ومسؤولياته تتحمل كل مفرزاته من نجاحات أو إخفاقات، أو تكافأ على عملها بعيد عن الظل الاسود المسيطر على مفاتيح القرارات الحكومية حتى اليوم ..!!، نعم يا سيد الوطن هذا واقع يعلمه كل الشارع الوطني ..!! .

    لقد تعددت قراءات الوطن وسيد الوطن ونداؤه بعمل تشاركي وطني، مشيرا لكل ما هو مطلوب فأين هذه الحكومات من تحقيق هذا المطلوب أن لم تكن حكومة قرار وسيدة للقرار مسؤولة عن قراراتها ..!!، فقد سئمنا كلاما لكلمات واهية لمسؤول يقول هي التوجيهات ..!!؟؟

    من هو أو هي هذه التوجيهات التي تأتي على الوطن بتراكمات القرارات المدمرة والممنهجة لمؤسسات الوطن والتي تزداد كل يوم ..!!؟؟   

    سورية وطن وشعب لا شيء يمنعهم من اختيار فرصتهم وقدرتهم وهم معا العازمون بلا تردد او كلل للمضي بالوطن نحو مستقبل زاهر غير مردوعين بعمل سيحقق الامل بالقوة والعمل، والميدان هو الساحة والامتحان فيه سيكون ما بين الظلام والنور تحقيق لانتصار لا مفر منه للوطن وشعبه ..!! .

    واقع الحال يقول نحن لسنا بخير بكل حال من الأحوال ما لم نصحوا للوطن ومستقبل شعبنا وأبنائنا والواقع يقول : الفساد واثرياء وأمراء الأزمة هم كل هذا الزمان والباقي ليس مهما ..!!، وكأنهم يشاركون افي امتحانات الاختيارات التي تقوم عليها أنظمة عالمية في تحديد أسيادها وعبيدها وترحيل ما ليس له مكان في قادم الأيام ..!!؟؟

    الحكومة اليوم هي المنعطف الأخطر والاخير في تقرير مستقبل الوطن إن لم .. أو إن لم .. أو ستكون عنوان الانفراجات الوطنية كاملة رغم كل التحديات المتنوعة ..!!؟؟ .

     

    عاشق الوطن ..

    د. سليم الخراط

    دمشق اليوم الجمعة ١٣ أيلول ٢٠٢٤ .

  • بهدف التصعيد… نتنياهو يجدد حربه النفسية ضد المنطقة

    كتب محمد نادر العمري

    إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو تعيد إنتاج حرب نفسية ضد دول المنطقة، لتحقيق أهداف معنوية ومادية، وهذا يتجلى في عدة محاولات أو تطورات برزت في الآونة الأخيرة، والتي سيتم ذكرها مع نقاط التفنيد لها:

    أولاً أثناء رد الحزب في جنوب لبنان على اغتيال الشهيد فؤاد شكر، روجت القيادتين السياسية والعسكرية إنها نفذت عملية نوعية استباقية ضد الحزب، استطاعت من خلالها هذه القوات حماية تل أبيب من صواريخ الحزب البالستية، في حين وفق الصور التي بثت مباشرة لم يكن الحزب في صدد استخدام أي من هذه الصواريخ، بل كانت المنصات عبارة عن مجسمات للتمويه، ولجأ لاستخدام صواريخ الكاتيوشا والطائرات المسيرة، والهدف الإسرائيلي من هذا الترويج، كان يكمن في ايجاد مبرر للنزول من أعلى الشجرة لعدم القيام برد مضاد قد يؤدي لحرب إقليمية، وتقديم نتنياهو على إنه الشخص الوحيد في الكيان القادر على الدفاع عن أمن إسرائيل وتحقيق مصالحها، فضلاً عن إبعاد النظر ولاسيما لدى الرأي العام الإسرائيلي عن الهدف الحقيقي الذي حدده الحزب ومحاولة تفريغ هذا الرد من مضامينه العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية.

    ثانياً خلال المؤتمر الصحفي الذي أجراه نتنياهو منذ أسبوعين، أبرز وثيقة مكتوبة بخط اليد على شاشة كبيرة أمام وسائل الإعلام والإعلاميين، ادعى إنها منسوبة لقائد الجناح السياسي والعسكرية لحركة حماس “يحيى السنوار” تضمنت عبارات وجمل تمثل توجيها من قيادة الحركة لباقي عناصرها بالسعي لتحريك لخلق فوضى في الداخل الإسرائيلي من خلال تعزيز عوامل الانقسام، بالتزامن مع نشر صحف عدة بما فيها “بلومبيرغ” لوثيقة تفيد عن توجه السنوار نحو استخدام معبر فيلادلفيا لتهريب الأسرى الإسرائيليين الأحياء ونقلهم للخارج، قبل إن يظهر وزير الدفاع الإسرائيلي على وسائل الإعلام وبيده وثيقة مكتوبة عبر جهاز حاسوب ادعى إنه تم العثور عليها، وتتضمن مطالب حركة حماس لباقي قواتها بالحرص على استخدام الاسلحة والإشارة لنقص الذخيرة والعتاد البشري، هذه الوثائق و الادعاءات لم تكن حقيقية وخاصة بعد إعلام مايسمى الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيقات حول مضامين هذه الوثائق وكيفية تسريبها، مما يعني إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية المعنية بالقتال في غزة ليست على علم بهذه الوثائق، والهدف من هذه الادعاءات يتمثل في تحقيق عدة اهداف أبرزها: توجه نتنياهو لتخفيف الاحتقان والضغط الشعبي ولاسيما بعد العثور على ستى اسرى صهاينة مقتولين في رفح، ودعوة نقابة العمال للإضراب واتساع نطاق المظاهرات، إلى جانب تدعيم موقفه في إطار السعي لعرقلة التوصل لأي اتفاق وقف إطلاق النار من خلال إيجاد الذرائع والمبررات لبقاء سيطرة قواته على محور فيلادلفيا.

    ثالثاً الأنباء المسربة عن قيام قوات البرية للاحتلال الإسرائيلي باختراق منشأة لإنتاج الصواريخ الإيرانية في سورية تابعة للحرس الثوري وتقع على بعد حوالي 6 كم جنوب غرب مصياف، من خلال مداهمة القوات الخاصة الإسرائيلية المنشأة، وحصولها على وثائق ومعدات مهمة، واختطاف علماء وقيادات إيرانية، هذا الادعاءات لن أقول بأنها كاذبة، ولكن من خلال محاكاة لغة العقل المنطقية، هي غير قابلة للتصديق في ظل وجود العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك، من أبرزها: شهادات اهالي المنطقة الذين تحدثوا عن حصول حرب حقيقية في تلك المنطقة من خلال عدة موجات من اطلاق الصواريخ والتصدي لها، فكيف يمكن إن تقدم قوات الاحتلال على ارسال طائرة تضم فريق بري للاقتحام في ظل وجود صواريخ في الاجواء، فضلا عن عدم سماع أهالي المناطق أي أصوات لطائرات بتلك المنطقة، كما إن المؤشر الثاني يكمن في أن نتنياهو الذي يزيف الحقائق ويروج لأكاذيب كان قد وظف تلك العملية في حال حصولها لتدعيم موقفه الداخلي وزيادة شعبيته، إلى جانب ذلك تعدد وتناقض الروايات التي تحدثت تارة عن استهداف مقرات دفاعي جوي سورية ثم مخازن اسلحة ثم مراكز بحوث كيماوية وصولا لمنشأة لانتاج الصواريخ البالستية وطائرات الدرونز، وعليه يمكن التأكيد إن هدف هذا الادعاء، يكمن في استمرار تبرير الاعتداءات الإسرائيلية على سورية لمنع وصول سلاح للحزب في لبنان أو لاستنزاف مقدرات الجيش السوري أو لتصدير انتصارات معنوية وإعلامية….إلخ، كما إنها تهدف أيضاً في محاولة إسرائيل لتشويه صورة ومكانة إيران على مستوى المنطقة والضغط على الولايات المتحدة الأميركية لإبقاء قواتها في المتوسط.

    محمد نادر العمري

    كاتب وباحث في العلاقات الدولية

  • سورية وقراءة العاجل والمطلوب في الأيام القادمة ..!!؟

    بقلم د. سليم الخراط ..

    لابد مما لا بد منه والذي أصبح واقعا وحقيقة، هي التوجه نحو تحقيق الحوار الوطني السوري السوري الجاد والشامل والعاجل المرهون بالقادم في مستقبل سورية وليس الحوار المحامى حتى هذا اليوم بعيدا عن مشاركات القوى الوطنية خارج منظومة الجبهة الوطنية التقدمية واحزابها ..!!؟؟

    لأن سورية وطن لنا جميعا ونحن الشعب والجيش وكل مفاصل قوة هذا الوطن ..، لذلك كان وسيبقى المطلوب وما تؤكده اليوم وكل يوم ..، تعاون وطني متكامل لا بد منه على كل الأصعدة مع القيادة الوطنية السورية المعنية بالحوار والعمل به وتحقيق الإنجازات من خلاصة تفاهماته الجامعة ..!!، وبالتعاون مع كل الاصدقاء والحلفاء والأصدقاء وخاصة مكتب المبعوث الأممي في سورية ومباشرة بدمشق .. .

    لكن ..؛ لابد من تفهم الواقع للاطلاع عليه والذي يجمع على تأكيده الجميع..، في أن كل الاجتماعات السابق انعقادها من أجل سورية اليوم بدءا من جنيف إلى الآستانا إلى اللجنة الدستورية قد اصبحت مختصرة في التوجه نحو تفعيل وتنفيذ القرار الأممي ٢٢٥٤ ..، الذي أصبح لا يتناسب والواقع ولا يتناسب مع المرحلة وتطور الأحداث ما لم يكن في خدمة مصالح وسيادة سورية المطالبة بتنفيذه أمنيا بعيد عن حقيقة الواقع اليوم ..!! .

    لذلك حل الأزمة في سورية كان وسيبقى فب حقيقته وواقعه هو الحل السوري السوري اولا واخيرا، فلا بد من الحل السياسي القائم على الحوار الوطني الذي هو مفتاح الخروج من الأزمة الوطنية وتداعياتها المستمرة بتراكماتها وأخطائها ..، وعلينا أن نتشارك معا ونؤكد وطنيا أهمية الحوار الوطني السوري السوري المطلوب في ظل ظروف الوطن والمنطقة والأحداث المتسارعة فيها وانعكاساتها على الملف السوري ..!! .

    من هنا البداية والنهاية ..!!؟؟

    ما يجب تأكيده اولا وعاجلا وطنيا، أننا في سورية نحتاج قرار عفو سيادي عام لطوي صفحة الماضي أسوة بدول أخرى خرجت من أزماتها ..، وهو قرار وطني سوري سيادي يجسد سلام الشجعان في انهاء الأزمة السورية بتحقيق قرار سيادي للوطن يخدم مصالحه وشعبه اولا يمثل التحدي الكبير الذي تجسده سورية أمام عالم القوة يمثل مكانتها وتاريخها .. .

    كل ذلك وبرغم حقيقة الالم التي تتجسد في واقع الدول العربية والإسلامية الذين لايملكون القرار، ولا سلطة القرار واستقلاليته ليكونوا إلى جانب سورية ..!!، إلا ..، بقرار وتوجيه أميركي وتحت مظلة الكيان الصهيوني وخدمة مصالحه ..، لكن علينا أن ننظر في الواقع السوري وحاله المذري ودواعش الداخل الذين ما زالوا في سورية بطانة سوداء لفساد مستشري وهم جدار حديدي يمنع تحقيق اي حل لا يخدم مصالحهم ..!! .

    لذلك لابد من خطوات ملموسة ..، لابد أن يكون من أوائل الخطوات المطلوب تحقيقها هي الرؤية السياسية التي لا يمكن ان تفعل قبل التفاهم المشترك وطنيا على مضمونها والذي يحفظ سيادة الوطن ودستوره وكرامة كل أفراد شعبه تحت شعار ” سورية للجميع .. سورية اولا ..” .

    لذلك الطريق لابد أن يبدأ بخطوات أكثر فاعلية لتحقيق ما نحتاج إليه، ألا وهو الحوار الوطني الجامع لكل أطياف المجتمع السوري لتحقيق الحل الجامع والوحيد وهو الحل السياسي السوري السوري في دمشق ..!!، كما علينا ملاحظة حاجة الوطن لعودة المهجرين من الشباب والكفاءات وأصحاب الخبرات في العالم وفي أوروبا الاكثر من استوعبت هذا الأمر وحضنت شبابنا وكفاءات الوطن وخبراته وصولا لتفاهم دولي على عودتها وان كان من المحال تحقيق ذلك كما نتمناه ..!! .

    لكن الهام جدا هو ما علينا ملاحظته في أن الجالية السورية في الخارج ذات اتجاهين وحدين متوازيين وهي ترتب امورها بشكل مدروس ممنهج ممن يسيطرون على تحركاتها ووجودها خاصة في ألمانيا وفرنسا واميركا وهي قادرة على التأثير في انتخابات رئاسة البلدان والعمل على تحفيزها لمطالب هذه الجالية مهما كانت وان كانت لا تخدم وطنها ..!! .

    بعد اليوم لا يجب علينا الأخذ بالحلول الترقيعية في واقع أزمة الوطن وتداعياتها والتي لا تجدي بقدر ما تزيد الأمور تعقيدا وتراكمات للأخطاء ..!!، فأي عمل وطني مهما كان شكله ومضمونه يجب يكون اساسا لتحقيق المصالح السورية اولا ..، وهي الاساس الصلب لاي حل بإطلاقها عملا وطنيا متكاملا مع قيادة الوطن من خلال مؤتمر للحوار السوري السوري الذي يجمع كافة الأطياف في الوطن شمالا وجنوبا غربا وشرقا في سورية اولا، يتجسد فيه الاحترام المتبادل بين الجميع واحترام الرأي الآخر بعيدا عن النرجسية العمياء ومقولة : أنا أولا ومن بعدي الطوفان ..!! .

    لكن في الوقت ذاته علينا أن نقدر ونتفهم ولا نتجاهل أو ننسى أن كل الدول لها مصالحها واجنداتها في المنطقة وهي تعمل ليس لاجل أعيننا نحن السوريون، بل لتحقيق خدمة مصالحها اولا ودون استثناء في المنطقة ..!! .

    الاهم هو علينا أن نعلم حقيقة وواقعا في الملف السوري أن اللاعبين المؤثرين في هذا الملف هم روسيا وإيران وتركيا واميركا، وسورية الأهم ..، والتي هي صاحبة القرار اولا واخيرا رغم كل ما يجري من صراعات لتحقيق مصالح يعمل عليها الجميع ..، وعلى سورية اليوم أن تكون في الموقع المناسب لتصديرها وبقوة قرار يخدم مصالحها الوطنية ويحفظ كرامتها وسيادتها ..، فسورية أثبتت انها ليست صيدة لأحد كان ..!؟!؟، سورية كانت وستبقى هيمن تصنع القادم من القرارات وعلى مقاسها الوطني .. .

    لذلك اقتصاديا لابد من انهاء حصار القيصر وفتح تعاون مع كل الدول من خلال تحقيق سياسات معتدلة تكون محطة لإنجاح المصالح السورية ..!! .

    الهام والاهم ..، مما يجب أن يتم العمل على تحقيقه سياسيا وبدبلوماسية دبناميكية لا بد منها، هو إعادة تموضع للدول الأوروبية في تعديل مواقفها تجاه سورية وهي الأكثر من تحتاجها اولا ..، ونحتاجها سوريا في ظل الأحداث العالمية الجارية، وهي رغم عودة البعض الاوربي الخجولة لا تزال غير مثمرة النتائج لصالح سورية وشعبها ..، فكل ما يجري من تقاربات ما بين أوروبا وسورية ليست سوى للاستهلاك ليس اكثر ..، فكل ذلك يجب يكون تحت مظلة تخدم حل الملف السوري التركي وهو الأهم اليوم في كل ما يمكن أن يحققه من نتائج ملموسة لتفاهمات وانفراجات تخدم سورية لابد من العمل الجاد عليها، ولكن مازال يتم تعطيل الوصول إلى حل في الملف خارجيا بتأثير أميركي وداخليا بتأثيرات أصحاب المصالح في الدولتين ..!!؟ .

    كل ذلك ورغم واقع تم لخطوات عمل وطني هام لم يتم استثمارها وهي خطوات صنعتها وحققتها سورية ..، فمنذ سنوات قليلة حتى اليوم وهي تحقق تقدما ملموسا تجاوز سياسات الخطوة بخطوة التي تقدمت بها الجامعة العربية كمطالب تطالب بها سورية ..!!، ومن دفع بها من ورائها ..، ومنها ما تم وطنيا دون الرجوع الى أي موعظة كانت من أي كان ..!!، فما نفذته سورية بدءا من العفو الذي اسقط اسماء أكثر من سبعين ألف مواطن كانوا على لوائح المطلوبين في كمبيوترات ادارة الهجرة والجوازات برا وجوا وبحرا ..، إضافة للقرار الوطني المعمم حدوديا على كل السورين للعمل به إن أرادوا العودة بما يتضمنه من دخول دون أية أسئلة أو توقيف أو إعلامه لطلب المرجعية أو حريته بالعودة من أتى أن لم يرغب المراجعة ..، حيث لابد من السماح بعودة المهجربن بقرار عفو عام لا بد منه ما دام الكثيرين منهم على حق في هجرتهم القسرية نتيجة الأحداث التي اشتعلت في سورية ..!! .

    لكن ما يجب ملاحظته بشكل جاد وعام؛؛ أن اي قرار يتخذ في الشأن السوري لابد من العودة به للأمم المتحدة ولمكتب المبعوث الأممي في سورية بشكل خاص وهو الذي يمثل الأمم المتحدة ويدعم القرار ..!!، بالرغم من أن العلاقات الرسمية مع مكتب المبعوث الأممي بدمشق لا تزال خجولة من قبل الجهات الحكومية، علما كل شىء في الملف السوري يعود الى المبعوث اولا واخيرا فهو صاحب القرار، وليس كما يقوله البعض وبتقوله بعدم جدوى هذه المنظمة في سورية ورغم كل التحديات لا بد من السير في الطريق الممكن لتحقيق العدالة الانسانية التي لا تراها إلا كما تريد القوى الاقوى عالميا ..!!؟؟

    عاشق الوطن ..

    د. سليم الخراط

    الامين العام لحزب التضامن الوطني الديمقراطي

    المنسق العام لائتلاف قوى التكتل الوطني الديمقراطي

    عضو مجلس جمعية الرابطة السورية للأمم المتحدة

  • صراع الإعلام بین قوی الحق و الباطل و دوره الحاسم في الإرشاد والتضليل

    سمير باكير –

    للإعلام دور هام مؤثّر، على مدى تاريخ الدول وأنظمة حكمها، في صناعة مجتمعات واقعة تحت تأثيره، مصطبغة بأفكاره، قد برز في عصرنا هذا، بأدواته وأساليبه المتعددة، المكتوبة والمسموعة والمرئية، بمؤسساتها العالمية والمحلّية، وقد قيل من ملَك الإعلام ملك التأثير في الناس تطويعهم لسياسته، ومضى بهم إل حيث شاء، ولا سبيل آخر يمكن أن يكون مساعدا على اقناعهم، بغير اللجوء إلى سلاح الإعلام واستعماله صوابا كان أم خطأ، والحكومات المنتخبة شعبيا، تتخذ من الإعلام وسيلة لبيان وتوضيح سياساتها دون مراوغة، والحكومات الدكتاتورية عادة ما تسخّر الإعلام لفرض منطقها، وبأساليبها المخادعة في تزيين سياساتها، التي غالبا ما تكون خاطئة وفي غير مصلحة شعوبها، أمّا الحكومة العادلة فتعطي للإعلام فرصة التعريف بالقيم والمبادئ والعمل على غرسها في أوساط المجتمع.
    الإعلام بدعاياته المختلفة سلاح خطير، إذا استُعْمِل لتضليل الشعوب، وحرْفِها عن غاياتها، وابعادها عن بلوغ أهدافها، فهو كالسراب الذي يتراءى للضمآن في الصحراء فيحسبه ماء، كلما اقترب منه ابتعد، ويكون مُهْلكا باتّباعه في غالب الأحيان، وتائه الصحراء الذي انهكه البحث عن طريق لإنقاذ حياته، والخروج من بيئة قاسية يترصّده فيها الموت من كل جانب، يتعلّق أمله حتى بوهْم السّراب، مع إدراكه بأنّه سراب، رغم ضآلة حظوظه منه، هكذا هو إعلام المستكبرين من القوى الشيطانية التي تعمل جاهدة من أجل إغواء الناس، وحملها إلى غير وجهة التوحيد، وطاعة أوامر الله وتجنّب نواهيه ( إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدوّا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير) (1)
    قديما كان الطغاة والمستكبرون يستعملون مختلف أساليب الدهاء للتأثير على شعوبهم، في خياراتهم العقائدية والسياسية، لأجل إبعادهم عن عبادة الله الخالق، وتوجيههم إلى عبادة مخلوقات، لا تملك لهم ضرا ولا نفعا، ليسهل التحكم في مصائرهم، بما يتناسب وهوى هؤلاء المستكبرين، ولو تأملنا بعمق دعوة هؤلاء الطغاة شعوبهم إلى عبادة الكواكب (الشمس، القمر، الزهرة، المرّيخ)، لوجدنا فيها صرْفا عن عقيدة التوحيد الخالص، إلى الشرك بالله الواحد، والتقرب إليه بمخلوقاته، كمقدمة لبسط نفوذهم عليهم، ولأجل إحكام آثار عقيدة الشرك عليهم، جاؤوا بكل أعوانهم وأساليبهم في إغواء الناس والسيطرة على عقولهم.
    زمن فرعون مثلا جدير بالنظر إليه، يدفعنا إلى بسط ما جاءنا من سيرته، وفق منطوق القران الكريم، من معان مليئة بمواعظ، يجب أن تؤخذ شواهد على زمن غابر، كان السحر أسلوب فراعنة ذلك العصر في التأثير على الناس (فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم) (2)
    سحرة فرعون هم أعوانه، ووسائل نشر ارهابه وسيطرته، استقوى بهم من أجل تدعيم سلطانه، حتى بلغ به الأمر إلى ادّعاء الألوهيّة، وحاشيته وأهل زمانه يدركون أنّه ليس إلها، لكنه كما قال الله في قرآنه: (استخف قومه فأطاعوه)، دعاهم إلى اتّباعه من دون الله فلبّوا دعوته، وسحرة فراعنة اليوم، هم كبريات وسائل الإعلام العالمية، التي تتخذ من أساليب الدعاية المضللة للشعوب، أسلوبا لحرفها عن دورها الحقيقي في بلدانها، وتحويلها أداة طيّعة بين أيدي طغاة ومستكبري العالم، ينفّذون بواسطتهم غاياتهم في السيطرة والهيمنة على الشعوب، وتسخيرها في تلبية أطماع القوى العالمية المعادية لدين الله وأحكامه.
    الأحداث والدول والمنظمات والحركات والأحزاب التحرّرية، التي تصوّرها وتصنّفها القوى الفرعونية الغربية بوسائلها الإعلامية، على أنّها إرهابية أو داعمة للإرهاب، هي في حقيقتها أدوات اجتمعت وتكتّلت من أجل مكافحة الإرهاب الغربي، وابعاد آثاره المدمّرة لثقافة ومقدّرات شعوبنا الإسلامية، ومن غير المنطق ولا المفيد أن لا يتّخذ ايّ مسلم موقفا حاسما في هذا الصراع المحتدم، فليس له من خيار سوى الخروج من دائرة السيطرة الإعلامية الغربية، وتفنيد مزاعمها الفاسدة، بإرساء ثقافة أصيلة تعتمد أساسا على مرجعية إسلامية واضحة في أفكارها ومشاريعها وأهدافها.
    عصا موسى هي وسيلة نهج التوحيد، في ابطال عمل فرعون وسحرته، وإخراج إرشاد الناس من عمى سحر سّراب الحضارة ببهارجها الزائفة، إلى حقيقة التوحيد في الرجوع إلى الله، عندها تتهاوى ألاعيب فراعنة العصر، فلا يبقى لها أثر في المجتمع باكتشاف بهتانها: (وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) (3)
    وفي دهشة وذهول من الجميع، انقلب السحر على سحرة فرعون، وبه سقطت ادّعاءات تفوّق نهجه المنحرف، و ما كان يريد فرعون أن يثبته في عقول الناس من اعتقاد خاطئ، لتحل محله حقيقة أن أسلوبه في التأثير والسيطرة على الناس لم يكن واقعيا، فقد كان حاكما مستبدّا منفردا برأيه، متسلّطا على شعبه ( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) (4) وجميع ما جاء على لسان ملأه كان بتدبيره وانفاذ رأيه، ولم يكن من أهل الشورى على الاطلاق، بينما جاء موسى بما أبطل تأثيره بسرعة، وأرسى بالناس – وأولهم سحرة فرعون – على حقيقة أن صنيعهم الذي هو من شعوذاتهم نسبوه إلى صاحبهم فرعون، قد فشل في مواجهة تحدّي موسى: ( قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ) (5) (فغُلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين * وألقي السحرة ساجدين ) (6)
    وحقيقة فرعون وسياساته الخاضعة لهواه، ظاهرة متكررة لفراعنة العصور، كلما ذهب واحد منهم خلفه آخر، ومضى على نفس الوتيرة من التعامل مع قومه، ولئن تغيّرت أحوال هذا العصر، فاستبدل عمل السحر والسحرة بوسائل أكثر تأثيرا وفتكا، وهي وسائل الإعلام ومؤسساتها المختلفة، وهي تمارس نفس أسلوب سحرة فرعون، في إغواء الشعوب واسترهابها، ودعوتها إلى اتباع مناهج الطغاة والمستكبرين، وترك سبيل رب العالمين، سبيل النجاة في الدنيا ويوم الدين، وفي قصة موسى عبرة لمن يريد اتباع نهج التوحيد، غير ملتفت لأبواق الإعلام الشيطاني الغربي الصهيوني، وما تؤلّفه من زيف وبهتان، مسيء لكل من خالف مشاريعها الهدّامة لفطرة الإنسان وانسانيته، في كونه مخلوق لله، مجعول لعبادته وطاعته، وتسخير الإعلام ليكون سبيل نجاة للمجتمعات، ووقاية من هجمات أعدائها، الهادفة لحرفها عن مسار توحيد الله وإتباع أحكامه، ومثال عصا موسى هنا، كان دورها تصحيح مسار المجتمعات، الواقعة تحت تأثير سحرة الإعلام الفرعوني ( قوى الاستكبار المتحكمة في الإعلام العالمي)، وهدايتها إلى إعلام الحق، بتقوية وسائل الإعلام التي أخرجت من تأثير منظومات الاعلام الغربي المتصهين، لتنتهج مسارا مستقلا بمنهجيّته، بما فيه من بيّنات حقيقية (فماذا بعد الحقّ إلا الضلال فأنى تصرفون ).
    خلاصة القول هنا أنه على شعوبنا الإسلامية أن تعي حقيقة الإعلام العالمي الصهيوني الغربي، وما يبثّه من أكاذيب ودعايات مضللة لرأيها العام، فلا يكون اجتماعهم مصداق قوّة وصحّة، وضعفنا في مجال الإعلام مستمس
    المصادر
    1 – سورة فاطر الآية 6
    2 – سورة الأعراف الآية 116
    3 – سورة طه الآية 69
    4 – سورة غافر الآية 29
    5 – سورة يونس الآية 81
    6 – سورة الأعراف الآيتين 119/120
    7 – سورة يونس الآية 32

  • تقدير موقف: حول العدوان الإسرائيلي على سورية

    كتب محمد نادر العمري

    الهدف من استهداف الكيان الإسرائيلي من خلال اعتداءاته لمراكز حيوية في سورية إلى جانب مراكز عسكرية، وممرات جغرافية، ولاسيما في حمص وحماة، هي تعميق الأزمة الاقتصادية في سورية ولبنان مع تزايد احتمالات ومؤشرات توجه المنطقة المنطقة نحو تصعيد في ظل ترقب إعلان فشل المباحثات الخاصة بوقف العدوان بقطاع غزة، والرد المناظر من الحزب للثأر على اغتيال الكيان فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية نهاية تموز الماضي، وبالتالي يمكن وضع الأهداف الإسرائيلية من استهداف المناطق الحيوية النفطية أو الاقتصادية أو الصناعية أو غيرها، ضمن المسارات التالية ولاسيما من خلال الاعتداء الأخير والذي يعد العدوان ال٦٠ منذ مطلع العام الجاري:

    1. زيادة الضغوط الاقتصادية على الداخلين السوري واللبناني، بما سيؤثر ذلك على الضيق المعيشي لمواطنين الدولتين، وتحويل تلك الضيقة لأداة ضغوط داخلية ولاسيما على الحزب في لبنان، لعدم الرد، أو لعدم تصعيد الأوضاع على جبهة الجنوب.

    2. شل الوضع الداخلي في البيئة اللبنانية، بما يحمل الحزب مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، ومحاولة إدخال لبنان في صراع داخلي داخلي.

    3. السعي الإسرائيلي لعدم نشاط اقتصاد الظل بين سورية ولبنان، بما يساهم في إدخال المواد اللازمة من مشتقات نفطية وغيرها، من إمكانات سورية المحدود، من سورية إلى لبنان، بما يدعم موقف الحزب وقدرته.

    محمد نادر العمري

    كاتب وباحث في العلاقات الدولية

  • الأمني والإستراتيجي وكفوف الغفلة

    د. حسن أحمد حسن*

    إذا كان المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، فقد استطاع الكيان “الإسرائيلي” أن يبرهن على أنّ غالبية العالم غير مؤمن، وأنّ الرأي العام الإقليمي والعالمي ما يزال يُلدغ مئات المرات يومياً منذ ما قبل الإعلان عن إنشاء الكيان الاحتلالي عام 1948 وحتى تاريخه، وإذا أردنا تنحية الجانب الروحي واللاهوتي عن عقم الجدل السياسي وحصَرنا الموضوع في حرب الإبادة المستمرة بحق الفلسطينيين منذ تشرين الأول العام الماضي فالصورة تكون أقرب إلى مئات الكفوف “عن غفلة” التي يتلقاها الرأي العام الإقليمي والدولي، وهذا بحدّ ذاته أحد أهمّ أسلحة حرب الإبادة الفتاكة التي يستخدمها صانع القرار الصهيو ــ أميركي مطمئناً إلى أن العالم يتشظى بين من يفتح أشداقه مستغرباً، وبين من يمنّي النفس باحتمال تبدّل مدخلات اللوحة، وثالث يحلم بانهيار الكيان الإسرائيلي وزواله من دون دفع ضريبة باهظة، ورابع ينتظر ممارسة إدارة بايدن ضغوطات على حكومة نتنياهو، وخامس يتشفى بزيادة أعداد الضحايا الأبرياء وامتداد الخراب والدمار إلى كل ركن وزاوية في غزة، واحتمال الانتقال إلى جنوب لبنان وغيره، وسادس يطلب من أسياده في تل أبيب وواشنطن الإسراع بوأد كلّ ما له علاقة بفلسطين والقضية الفلسطينية، وسابع يكشر عن أنيابه الزرقاء وينخرط في تعميم روح اليأس والإحباط والقنوط والدعوة للتسليم بما يسمّونه “واقعية سياسية وميدانية”، وثامن يكتفي بجَلد الذات والبكاء على الأطلال والتذرّع بأنه لا حول ولا طول إلا بالدعاء على الحكومة الخفية والشكوى لله، وفي الوقت نفسه المجاهرة بالدعاء ليطيل الله في عمر نتنياهو وبقية القتلة المجرمين، وتاسع يتظاهر بالتهديد والوعيد ورفع الصوت المندّد بالجرائم الصهيونية في الوقت الذي تكون سفنه تفرغ محتوياتها في الموانئ الإسرائيلية لتمكين القتلة المجرمين من رفع وتيرة التوحش في الإبادة أكثر، وعاشر يتساءل بخبث وحقد عن الردّ المنتظر، ومتى سيردّ هذا الطرف أو ذاك من محور المقاومة على تفرعن نتنياهو بمباركة نمرود العصر الذي يظنّ نفسه إلهاً في بلاد العمّ سام، و… و… إلخ…

    ومن حق المتابع العادي أن يتساءل، وماذا بعد؟ وما سر الحديث عن أسبوع يتلو آخر وشهر ينطح تاليه، والعالم يتفرّج على تراجيديا الإبادة من دون أن يستطيع وقف شلال دم الطفولة المهدور ظلماً وعدوناً؟

    باقاتٌ من أمل كاذب، وأوهامٌ تمّ تغليفها بأمنيات الممكن والمحتمل وضرورة تحمّل وجع اليوم للوصول إلى الغد الأفضل، فإذا باليوم يطول ويمتدّ، وبالغد العاجز عن الإشراق لا يأتي طالما الليل بهيم والدجنة تطبق على البصيرة قبل البصائر، وتسدّ جميع المنافذ وحتى الثقوب والشقوق الصغيرة لضمان منح تل أبيب فرصة إضافية تلو الأخرى للإجهاز التام على كلّ حي في غزة، ليكون ذلك مقدمة مطلوبة ومدخلاً ضرورياً لاستكمال إفناء شعوب المنطقة أو ليّ عنقها لتقبل راضية بدور الخادم الذليل، وأبناء الأفاعي يدركون استحالة تحقيق هذا الهدف الشيطاني، وارتباط العجز عن تحقيقه ببدايةً حتميةً لأفول أمجادهم التي يشيدونها بالجماجم وأشلاء الضحايا المتفحمة والرافضة أن تعيش مسلوبة الكرامة والإنسانية.

    هكذا ومن دون مقدمات يتفاجأ فرسان التحليل وخيَّالو أحصنة السراب بموقف نتنياهو وطرحه الجديد المتضمّن أنّ معبر فيلاديلفيا شأن استراتيجي “إسرائيلي”، وليس موضوعاً أمنياً قابلاً للنقاش والتفاوض، فالنتن المذكور يريد “إسرائيل” آمنة بالمطلق، ولا يعنيه أمن أيّ دولة أو شعب آخر، وقد يكون من المفيد هنا الإشارة إلى بعض العناوين والأفكار العامة التي تساعد على اتضاح الصورة أكثر، ومنها:

    *تل أبيب ليست بوارد وقف إطلاق النار، ولا يعنيها ارتفاع حدة الأصوات التي تنتقد جرائمها طالما واشنطن شريكة في حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري، ولها مصلحة كبرى بذلك، وكلّ ما تبقى تفاصيل وحقن مهدئة للاعتياد على منظر اغتصاب القيم الإنسانية ونحر الطفولة بدم بارد طالما المنظر يتكرر يومياً.

    *إدارة بايدن لا تقلّ حرصاً عن حكومة نتنياهو في استمرار الوضع على ما هو عليه، ولا ضير لديها في رفع منسوب التوحش أكثر طالما إيقاع الاشتباك ما يزال مضبوطاً بعض الشيء، حتى وإنْ أدى الإيغال بسفك الدماء والتدمير إلى توسيع مسرح العمليات، فأية خسائر تتكبدها واشنطن تبقى أقلّ بكثير من الخسارة الاستراتيجية المتمثلة بانتهاء هذه الجولة من الصراع من دون انتصار واضح المعالم، لأنّ ذلك يعني خسارة استراتيجية، ومقدمة للاعتراف بهزيمة ستتحوّل من موضعية إلى شاملة، وهذا يهدد النفوذ الجيوبولتيكي للولايات المتحدة الأميركية قبل أن يهدّد الكيان الإسرائيلي والمسبحين بعرش هذا الكيان اللقيط.

    *ما هو الضامن ألا يقول نتنياهو أو من يأتي بعده في الغد القريب أو البعيد إنّ العمق المصري والأردني والسوري واللبناني والخليجي ومياه البحر المتوسط والبحر الأحمر كاملة شأن استراتيجي يخص “الأمن القومي الإسرائيلي”، ومن يقبل اليوم بأنّ بالإصغاء إلى هذا المنطق المقلوب الذي ينطلق من أن محور فيلادلفيا شأن استراتيجي “إسرائيلي” لا يحقّ له أن يتحدث لاحقاً بعكس ذلك.

    *السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا انتهاك للسيادة المصرية قبل أن تكون جزءاً من حرب الإبادة الجماعية ضد غزة والغزاويين، ودخول الجيش الإسرائيلي إلى رفح والسيطرة الحالية العسكرية على كامل محور فيلادلفيا اعتداء صارخ وعلني على الدولة المصرية، وانتهاك سافر لاتفاقية الإذعان والذل “كامب ديفيد” التي وقعها السادات مع الإسرائيليين سابقاً، والصمت العملي المصري اليوم لا يبرّره إطلاق بعض التصريحات الكلامية التي تمنح القتلة ومصاصي الدماء في تل أبيب زخماً إضافياً للإسراع أكثر في إنجاز الإبادة المطلوبة، فعندها ستنتقل السكين إلى العنق المصري بأسرع ما قد يخطر على الذهن.

    *أما من يسأل عن ردّ هذا الطرف أو ذاك من محور المقاومة سواء أكان بدافع الحميَّة المشروعة، أو الرغبة بكسر الستاتيكو المؤلم، أو محاولة للاستخفاف بقدرات المحور المقاوم وتثبيط العزائم، فيمكن باختصار تكثيف الأجوبة وتلخيصها بما يلي:

    ـ في كل يوم يتمّ الردّ على الوحشية الأميركية الصهيونية وفق ما تسمح به محدّدات التفكير الإستراتيجي المقاوم لضمان الوصول إلى يوم آتٍ وحتمي لنشوب الحرب الأكبر والأشمل التي لا تقبل حساباتها الغفلة ولا الخطأ في تقدير المواقف.

    ـ في أي وقت يمكن لأي طرف اتخاذ قرار الحرب وإشعالها بشكل عملي، لكن قرار الحرب وإشعال المنطقة، وكلّ ما ينتج عن الحرب مسؤولية كبرى أخلاقية وإنسانية وقانونية، وقادة محور المقاومة هم الأدرى والأكفأ باختيار اللحظة التاريخية الأنسب لاتخاذ مثل هذا القرار المصيري.

    ـ حربنا ليست مع الكيان وحده، بل معه أميركا والغرب الأطلسي وكثير غير ذلك بمن فيهم بعض من أبناء جلدتنا العربية، ومهما بلغت قدرات محور المقاومة العسكرية بالحسابات التقليدية، فالمحور المعادي متفوق بالقوة العسكرية والطاقة التدميرية.

    ـ تفوق المحور المعادي عسكرياً لا يقلق أطراف محور المقاومة، فلدينا معادل موضوعي يصحّح الخلل ويرجّح الكفة لصالح المقاومة، وهو العامل المعنوي والإنسان المتجذر بأرضه، والمتيقن انّ الشهادة في سبيل الكرامة والدفاع عن المقدسات بداية الخلود، وليست فناء، في حين انّ الخوف من الموت لدى جميع من يصطف تحت العباءة الصهيو أميركية يمثل الرعب الذي يحاصر حياتهم اليومية.

    ـ الحرب الشاملة في نهاية المطاف حتمية لأنّ العدو الصهيوني أقرّ وأعلن أنها حرب وجود، وجميع أنصار المقاومة أكدوا ذلك منذ تبني القضية الفلسطينية قضية مركزية أولى، وأيّ تأخير في اندلاع تلك الحرب لضمان توفير كلّ متطلباتها أراه خطوة في الاتجاه الصحيح لتقليل الخسائر أكبر قدر ممكن.

    ـ اليقين بالنصر مطلق حتى لو اشتعلت الحرب اليوم او غداً، لكن انْ كان بالإمكان بلوغ النصر بخسائر اقلّ، فهذا عين الصواب.

    ـ محور المقاومة لا يعيش في جزيرة منعزلة، بل هو جزء من هذا العالم، ولديه أصدقاء وحلفاء وشركاء، ومن المهمّ أخذ كلّ ذلك بالحسبان قبل اتخاذ قرار الحرب، وما يجري في أوكرانيا وبحر الصين ليس منفصلاً عما يجري في المنطقة، والحديث عن زيادة التدابير العسكرية في القواعد الأميركية المحتلة في سورية وغيرها، ومحاولات إعادة إحياء داعش وتدويره برعاية أميركية، وتبدّل لهجة الخطاب التصالحي التركي، وكثير غير ذلك يؤكد أنّ أفق المواجهة مفتوح على المجهول، والاشتباك الدائر على مختلف مسارح العمليات يتصاعد ويزداد حدة، لكنه ما يزال مضبوط الإيقاع، وقد لا يكون كذلك في الغد القريب.

    ـ ما يجري فصل في معركة في حرب وجودية طويلة الأمد أعدّ لها عشاق المقاومة ما يستطيعون، وقد يكون يلزمهم الكثير من الإعداد الإضافي النوعي، لكنهم لن يُحْشَرُوا في نفق المفاجأة الإستراتيجية في أيّ وقت تخرج فيه الأمور عن السيطرة، ويتمّ الانتقال من الاشتباك المزمن والمستعصي إلى الحرب الوجودية.

    *باحث سوري متخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الاستراتيجية

  • لا اتفاق قريب حول قطاع غزة

    الذي يفهم من بيان الوسطاء الذي صدر عن الولايات المتحدة الأمريكية وقطر ومصر، إن لا اتفاق وقف إطلاق النار دائم في قطاع غزة، بقدر مساعي أميركية للتوصل لتفاهم اقرب لتحقيق هدفين:

    الأول اتفاق تهدئة انساني مؤقت بغرض تبادل الأسرى وإدخال المساعدات فقط.

    الثاني تخفيض حجم التوتر على مستوى المنطقة ومحاولة احتواء أميركي لرد الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحزب جنوب لبنان، وهو مايفسر تأجيل المحادثات لأسبوع آخر.

    خطورة الاقتراحات التي قدمها الوسيط الأمريكي، إنها لم تكن العودة لمبادرة الرئيس جو بايدن، ولا تلك المبادرة التي تبناها قرار مجلس الأمن ٢٧٣٥.

    هذه الحقيقة تجعلنا أمام مسار هو أقرب نحو تصعيد محتمل على مستوى المنطقة، ولاسيما إن كافة دول محور الحليفة للفصائل الفلسطينية ربطت تهدئة الأوضاع بالمنطقة بوقف إطلاق النار في غزة، ونتنياهو يستخدم موضوع محور فيلاديفيا وبوابة رفح لابتزاز الوسطاء وكذلك الفصائل للكشف عن اسماء الأسرى ال٣٣الذين ستطلقهم الفصائل، والعمل على زيادة عددهم.

    حتى اللحظة الولايات المتحدة الأمريكية التي تتباكى على الوضع الإنساني في غزة، هي تدعم توجه نتنياهو بالتوصل لصفقة جزئية، يمكن لواشنطن استغلالها لتحقيق مكاسب متعددة الاتجاهات، بما في ذلك مكاسب داخلية في تدعيم موقف المرشحة الديمقراطية “كاميلا هاريس” في حال النجاح بإطلاق الأسرى الخمسة الإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الأمريكية.

    محمد نادر العمري

    كاتب وباحث في العلاقات الدولية

  • السلام المفقود

    بقلم: د.حسام شعيب

    تقول السردية التاريخية والدينية أن الإنسان عاش بسلام منذ بداية الخلق إلى لحظة ارتكاب الجريمة الأولى على هذه الأرض عندما أقدم قابيل ( قاين) على قتل أخيه هابيل، وأياً كانت التفسيرات الدينية المختلفة لهذه الجريمة إلا أن الكل قد أجمع على استخدام قصة الأخوين قابيل (قاين) وهابيل في استكشاف أصول العنف الديني، وهذا وثيق الصلة بشكل خاص في نموذج التنافس بين الأشقاء ، ويُعرف هذا النموذج باسم ” التنافس المقدس”

    هنا يحضرنا تساؤل: إذا كان ابن واحد فقط ( قابيل أو هابيل أو اسحاق أو اسماعيل أو عيسى أو يعقوب أو رمزياً، يسوع “ابن الله” ) يمكن أن يُبارك ويمنح الشرعية، فكيف يمكن لنسلهما أن يعيشوا معاً بقبولٍ كامل؟!

    هل كان يلزم العيش على الأرض استخدام العنف والقوة، ولو كان الأمرُ متعلقاً بقبول قربان لله، أو بقتل أخ قد ولد من ذاتِ الأم والأب

    كيف يمكننا فهم أن الأبوين اللذين قضيا وقتاً في عالم آخر من السلام والنعيم بين خلائق قد تختلف في تركيبتها عن تركيبة البشر!! رغم ذلك كانت ميزة ذلك العالم بأنه يتسم “بدار السلام” بل إن الله نفسه قد وصف نفسه بهذا الاسم “السلام” وعممه على خلقه وأنبياءه عندما طلب منهم أن يكرروا عبارة “السلام عليكم” ولكن حتى هذه العبارة ثمة بلدانٌ عديدة، منها بلداننا نحن، تتخبط بالعنف والحرب ولا تعرف كيف تخرج من دوار القتل والاجرام بمختلف أشكاله.

    موضوع السلام نراه في بداية العهد الجديد في الانجيل حيث تنشد الملائكة لدى ولادة الطفل يسوع “المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام للناس فإنهم أهل رضاه” وفي ختام الانجيل مع نص اليوم “السلام عليكم”

    كذلك نرى موضوع السلام في الإسلام مبدأً من المبادئ التي اعتنى بها الإسلام عناية واضحة وشاملة، فكلمة الإسلام بحد ذاتها تدل على السلام، فهو جزء لا يتجزأ منه، بل إن الإسلام قد أكد على رسالته في السلام لبعثة محمد صلى لله عليه وسلم عندما قال” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” كذلك ختم رسالته بالتأكيد على السلام عندما قال :” اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً”.

    فكيف يمكننا أن نفهم هذا الكلام؟ ولماذا لم تحقق الشرائع السماوية أو الأديان في العالم السلام؟

    على ما يبدو أن عدد اتفاقيات السلام في العالم منذ 400سنة ما يزيد عن مئتي اتفاقية لم تتحقق فأين هو هذا السلام؟

    عندما نتكلم عن السلام مع الله أو عن جماعة مسالمة، أو عن إنسان يعيش بسلام مع ذاته ، فنحن نتكلم عن أمر آخر ، مختلف تماماً.

    نتكلم عن أمر أكثر إيجابية من مجرد غياب الصراع.

    فالإنسان على الصعيد الفردي الشخصي يعيش صراع بين رغبته في السلام وميله للتملك والتسلط وليكون الكَلّ.

    وبالتالي مجمل الصراعات التي تعيشها الإنسانية أيا كان شكل هذه الصراعات فهي عبارة عن انعكاس للصراع الشخصي الدائم في الإنسان. فلكي يتم السلام لابد من زرعه وتحقيقه أولاً في قلوبنا، في داخلنا والباقي يأتي تحصيل حاصل كما نقول بالعامية.

    وفي ضوء هذا الكلام لا يحق لنا أن نقول ماذا يمكنني أن أصنع من أجل تحقيق السلام في العالم. فالمهم هو أن نزرع السلام في قلبنا من خلال العلاقة مع الله والتي من المفترض أن تنعكس إيجاباً في علاقتنا مع بعضنا البعض. فالله هو الوحيد الذي يغير فلوب البشر ويحقق السلام في قلوبهم.

    إلا أن الاشكالية في اعتقاد الإنسان أنه “مدير هذه الأرض” إن صح التعبير، والمشكلة أنه يريد أن يكون المالك الوحيد عن أقرانه. من هنا ينشأ الصراع الدائم في البشرية وتُخلق الانشقاقات والانقسامات بين البشر مما يمنعهم من العيش في الطمأنينة والسلام.

    لذلك أكدت الشرائع السماوية أو الأديان على مفهوم العدالة الذي يهدف لبناء السلام حيثُ توقف. هذا المفهوم لا يكتفي باحترام القوانين والقواعد مهما كانت مهمة وأساسية.

    مفهوم العدل الذي يشدد على تحول الأشخاص، والعلاقات، دليل عمل الله فيهم، لكي يتمكنوا من بناء السلام. فأن يكون الله مصدر وأساس السلام، هذا لا يلغي مسؤوليتنا في تحقيقه من خلال علاقتنا مع الله ومع الآخرين.

    إلا أن من أطلقنا عليهم” مديرو الارض” حولوا مسألة التنوع المعرفي والثقاقي والحضاري إلى صراع، وقد توهم العالم أن هذا “الصراع” إن صح التعبير هو صراع البقاء، لاسيما تلك الثقافات التي تعيش ذاتها في خطر مقابل الثقافات الأخرى.

    فتحولت فكرة السلام بشكل اساسي إلى دافعٍ لأسباب كامنة وراء اقتتال الناس فيما بينهم .. وضاعت معاني ومفاهيم السلام الحقيقية.

    فالمنتصر هو من بات يصنع السلام او يتحكم به، ولا أدل على ذلك من الخارجين للتو من الحرب العالمية الثانية منتصرين فأنشئوا الأمم المتحدة بأهداف ومبادئ تسعى إلى إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحرب_ هي ذات الحرب التي فتك بها هؤلاءُ بغيرهم_ وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً دون تمييز سواءاً أكان عرقياً أو جنسانياً أو دينياً أو لغوياً!!

    ولاقناع دول العالم الثالث ولتلك الدول والأفراد المهزومة اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلاناً عاماً بشأن “ثقافة السلام”

    ومنذ تأسيس الأمم المتحدة وحتى يومنا هذا كم من الصراعات والانقسامات والفوضى التي حلت بالعالم، والتي كان “لأدعياء السلام” فيها مصالح ومكتسبات لتلك الدول.

    إن بناء السلام يحتاج إلى تفعيل القوانين المنصوص عليها في المعاهدات الدولية والوثائق الرسمية العالمية التي أصدرتها مجموعة المؤسسات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية، ويستدعي تدخل الأطراف المعنية من مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الشأن الخاص بفض النزاعات، سواء كانت داخلية أو خارجية، وذلك بتطبيق العقوبات المفروضة على الجهات المتنازعة ومعاقبة الجهة التي أحدثت الحرب أو العنف، عوض بقاء تلك العقوبات المنصوص عليها مجرد حبر على ورق، وإلا فستتحول المجتمعات الإنسانية إلى ساحات حروب دامية لا تنتهي إلى بفناء النوع البشري.

    إلا أن كل ذلك لن يتحقق ما لم يمتلك الإنسان السلام الروحي وهو الحالة التي يشعر بها الإنسان بالراحة والاطمئنان الداخلي، والتي تنعكس على حياته الخارجية بشكل إيجابي. فعندما يشعر الإنسان بالسلام الروحي، فإنه يكون قادرًا على التعامل مع التحديات والصعاب بصورة أفضل، ويشعر بالراحة والسكينة والاستقرار الداخلي.

    ومن خلال تجربة السلام الروحي، يمكن للإنسان تحقيق السلام الخارجي، حيث يتعامل مع الآخرين بروح الإيجابية والتفهم والتسامح، ويعمل على بناء العلاقات الإيجابية والمستدامة مع المجتمع المحيط به.

    وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر السلام الروحي دافعًا لتحقيق السلام في العالم، حيث يمكن للإنسان الذي يشعر بالسلام الروحي أن يصبح نموذجاً للسلام والتسامح والتعايش السلمي بين الثقافات والأديان والشعوب.

    في النهاية، يمكن القول بأن السلام الروحي يشكل الدافع لتحقيق السلام الخارجي، حيث يعتمد الأمر على تحقيق السلام والاستقرار الداخلي في الإنسان أولاً، ومن ثم يمكن له أن يعمل على تحقيق السلام والاستقرار في العالم المحيط به.

    وعندما يتم تحقيق السلام الداخلي والروحي، فإن ذلك يؤدي إلى بناء مجتمعات أكثر استقراراً وسلاماً وتعايشاً، وهو ما يمثل الهدف النهائي للبشرية جمعاء.

    د.حسام شعيب

  • هوكشتاين في بيروت أي رسائل نطق بها….؟

    ثلاثة نقاط ناقشها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين أثناء زيارته للبنان، ولقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، هذه النقاط في الشكل والمضمون هي نقاط مترابطة عضوية لايمكن عزل بعضها عن بعض، وهي تتمثل في:

    ١. توجيه رسالة إلى الحزب في لبنان عبر رئيس مجلس الوزراء، بعدم الرد اليوم او غداً، وانتظار ماستؤول إليه محادثات الدوحة من مخرجات قد تفضي نتيجة الضغوط الجدية الأمريكية على نتنياهو نحو التوصل لاتفاق.

    ٢. معرفة موقف الحزب بالرد أو إلغائه ثأرا لدماء فؤاد شكر في حال تم التوصل لأي اتفاق تهدئة في غزة ضمن مباحثات الدوحة.

    ٣. الضغط الأمريكي على الدولة اللبنانية لتطبيق كل تفاصيل القرار ١٧٠١، وخاصة إزالة كل المظاهر المسلحة جنوب نهر الليطاني، وزيادة انتشار الجيش اللبناني في تلك المنطقة.

    بالعموم يبدو إن زيارة هوكشتاين هدفها محاولة فتيل التصعيد ومحاولة استكمال الجهود الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية، لحماية الكيان من ناحية وعدم انجرار واشنطن في دائرة هذا الصراع من ناحية أخرى، ولكن النقطة الإيجابية الوحيدة التي تضمنها حديث هوكشتاين هو إقراره أخيراً أن وقف العدوان على غزة سيوقف التصعيد في الجنوب اللبناني.

    محمد نادر العمري

    كاتب وباحث في العلاقات الدولية

  • عندما تُكْسَرُ قوائمُ كلب الحراسة

    د. حسن أحمد حسن*

    لا يختلف عاقلان على أنّ النباح الصاخب يمثل المهمة الأساسية لكلاب الحراسة التي يُخَصَّص لبعضها «وجار» يقيه تقلّبات الطقس والظروف الجوية الطارئة، ومع التطور السريع الذي شهدته حياة الدول والمجتمعات زاد الاهتمام بتصاميم مختلفة للوجار المخصّص لكلب الحراسة، فمنها المعدني، ومنها البيتوني، وغير ذلك من أماكن اتسعت مساحتها ونفقاتها المطلوبة التي لا تعني شيئاً لدى من نصّبوا أنفسهم متحكّمين بالقرار الدولي، وبفرض النموذج الذي يناسبهم ويخدم مصالحهم في هذه الدولة أو تلك، بل وحتى في هذا الإقليم أو غيره، فأبالسة ما يُدعى حكومة الظلّ أو الحكومة الكونيّة الخفيّة تبيح لنفسها التصرف كآمر مطلق الصلاحية في العالم على رحابته، وفعل كلّ ما يساهم في الحفاظ على الهيبة والنفوذ وبسط السيطرة للتحكم بالموارد والثروات وتوجيه استثمارها بما يُحرم الشعوب صاحبة الحق من حقها في الحياة وفق قناعاتها وإرادتها الذاتية، ولا ضير لدى أصحاب العقول الشيطانية من أولئك في اعتماد السياسات التخصصيّة لإشعال الحروب وإثارة الفتن والاضطراب واحتلال دول مستقلة إذا تعارضت سيرورة الحياة في أيّ دولة أو إقليم مع الهيمنة المطلقة لمن رسموا سياستهم على أن يكون القرن الحادي والعشرين قرناً أميركياً صرفاً، ويمكن القول بكثير من اليقين: إنهم كادوا أن يقتربوا من تحقيق أحلامهم الشيطانية مع أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001 فكان التغوّل والتوغّل الأميركي بلا حسيب أو رقيب، وحتى الدول العظمى التزمت الصمت ومراقبة التطورات بكثير من الخوف والقلق والتوتر.ما أزعج أولئك المتفرعنين أنّ كلب الحراسة الأكبر المكلف بحماية مصالح النيوليبرالية في الشرق الأوسط بدأت عليه علامات الهرم، ولم تُجْدِ نفعاً عمليات الاستنساخ الجيني لأكثر عتاة الصهيونية إجراماً، بل جاءت النتائج مناقضة للمطلوب، ولم يعد بإمكان نتنياهو الحفاظ على الموروث الإجرامي الذي وصل إليه بعد عقود من التوحش المحميّ بالقوة الأعظم عالمياً، وها هو اليوم مع جميع أقرانه من مصّاصي الدماء وقتلة الأطفال يدجّنون أنفسهم مع لعنة الثمانين عاماً المرافقة لما يسمّونه «الدولة اليهودية». وهكذا وجد الكيان المزروع على الجغرافيا الفلسطينية نفسه أمام حقيقة تتبلوَر مفادها: إنّ اسم نتنياهو لن يدخل التاريخ كشبيه لمن سبقه من الآباء المؤسّسين للصهيونية الكيانية بمن فيهم بن غوريون، بل سَيُدَوَّن في أحسن الأحوال كآخر ملوك «إسرائيل»، وكل معطيات الواقع وقرائنه الدالة تشير إلى ذلك، فكلب الحراسة الذي تم تفويضه بفعل ما يريد في المنطقة كلها، مع ضمان تام لحمايته من أي مساءلة دولية مقابل الحفاظ على مصالح المتحكمين بالقرار الكوني في هذه المنطقة الجيوستراتيجية من العالم تبيّن أنه عاجز عن الاستمرار بهذا الدور الوظيفي القذر. وليس هذا فحسب، بل إنه عاجز حتى عن حماية نفسه إلا بالاعتماد على من نصَّبوه شرطياً مطلق الصلاحية بعصا غليظة له كامل الحرية أن يهوي بها متى شاء على رأس مَن يشاء، وفجأة تتبدل الصورة وتنقلب رأساً على عقب، فكلب الحراسة الذي يروّع الآمنين، ويلاحق بنباحه وزمجرته كل المارين حتى من مسافة بعيدة لم يعُد يخيف عاقلاً قط، لأن قوائمه الأربعة لا تقوى على حمله، فبعضها قد كُسِرَ، وبعض آخر أصيب برضوض بنيويّة هيهات لها أن تتماثل للشفاء، واضطر صاحب الكلب أن يحضر شخصياً لترميم ما تبقى من وجارٍ متداعي الجوانب بعد أن خرج المقاومون المؤمنون بربهم وبقضيتهم، والواثقون بأنفسهم وبقدرات بقية أقطاب محور المقاومة الداعم لهم والشريك في أي انتصار فغمرت مياه طوفانهم المبارك الكيان الوظيفيّ بكل مكوّناته.نعم لقد خرج المارد العملاق من قمقمه في السابع من تشرين الأول 2023 وامتدّ الطوفان ليجرف حواف الوجار الصهيوني ويحطم جدرانه ويصل إلى الكلب المسعور وينهال عليه ضرباً مبرحاً كسَّر قائمتيه الأماميتين: «الجيش والأمن» وأعطب الخلفيّتين: «الداخل الاستيطانيّ والرأي العام»، واقتلع العديد من المخالب والأنياب السامة: «هيبة الردع ــ الازدهار الاقتصادي ــ واحة الديمقراطية ــ التفوّق التكنولوجي الخ.»، وامتد ارتداد أمواج الطوفان إلى داخل مطبخ الاستراتيجية الكونية، وكل ما يعلو اليوم من تهديد ووعيد، ويطفو على السطح من عسكرة أميركيّة مرعبة للمنطقة ليس أكثر من نباح مسعور لا يخيف إلا المنضوين تحت العباءة الصهيو ـــ أميركية الممزقة، فالتبجح بإرسال طائرات «F22» وإصدار الأوامر لحاملة الطائرات «إبراهام لينكولن» وللغواصة «جورجيا» الحاملة للصواريخ الاستراتيجية ذات الدقة العالية والطاقة التدميرية الهائلة، واستجرار الأساطيل والكوماندوس، وكل ما يتعلق بذلك لا يغير شيئاً في معالم اللوحة الميدانية العامة التي رسمت أبعادها وثبتت ألوانها بالأحمر القاني من دماء عشرات آلاف الشهداء وأضعافهم من الجرحى، وإذا كان هناك من يتوهم أن إرسال هوكشتاين أو غيره من المبعوثين، وتأكيد التعهد بالدفاع عن «إسرائيل» والتهديد بإشعال المنطقة يرعب أقطاب محور المقاومة، أو يثني أصحاب الحق عن الردّ على التوحش الإسرائيلي الذي طال قلب طهران والضاحية الجنوبية والحديدة وبقية الجغرافيا على امتداد المحور المقاوم، فعلى المتوهّمين والحالمين أن يوقنوا أن الحلم مهما طال محكوم بالتلاشي لحظة فتح العيون على حقيقة الواقع الذي يؤكد أنه تم إعداد العدة لأسوأ السيناريوات، وإذا كانت ملحمة طوفان الأقصى قد وأدت هيبة الردع الإسرائيلي، فأي حماقة تُرتكب في سياق حماية تل أبيب من الردّ والانتقام ستكون الفتيل الذي يشعل المنطقة، وقد تمتدّ ألسنة اللهب إلى الأبعد من المنطقة والإقليم، والنتيجة الحتمية المتيقن منها من حرب محتملة كهذه لن تتجاوز انهيار هيبة الردع الأميركي وإلى غير رجعة، وتهيئة البيئة الاستراتيجية لإسدال الستار على الأحادية البغيضة، بغض النظر عن حجم الدمار والخسائر التي قد تلحق بجميع أطراف محور المقاومة، لكن حتى لو تمّ القضاء على 90% من مكونات هذا المحور بشرياً ومادياً فهو قادر على ترميم نفسه بمن يتبقى، والآخرون لا يملكون ذلك لا بالأمس ولا اليوم ولا في المستقبل القريب أو البعيد، وعلى الرؤساء في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وأميركا ألا يزعجوا أنفسهم بإصدار بيانات تستهدف مصادرة كل ما أنجزته المقاومة، فهيهات لهم هيهات.نقطة أخيرة أودّ الإشارة إليها في هذا السياق تتعلق بإمبراطورية الإجرام الأميركي، وما يُدعى الحكومة الخفيّة، وأسوقها بصيغة تساؤل مشروع: هل يقامر متزعّمو النيوليبرالية وأصحاب نظرية المليار الذهبي بكل ما راكمه من سبقهم كرمى لكلب حراسة عاجز إلا عن النباح؟ وبالمقابل: أليس من واجب أطراف محور المقاومة وكل أنصار العقل والمنطق والحق والعدالة في العالم أن يكملوا الدرب مهما كانت التكلفة، فتحصين 50% مما أنجزه المحور المقاوم كفيل وكافٍ لتثبيت قواعد الاشتباك الجديدة، وإدخال التعديلات المطلوبة على ميزان القوى إقليمياً ودولياً، وغني عن القول: إنّ سورية كانت وتبقى واسطة عقد المقاومة، وأي إنجاز مقاوم لا يمكن أن يتبلور إلا بسورية القويّة واسطة هذا العقد، وأية محاولة من أي طرف كان للقفز فوق الدور المحوريّ لسورية التاريخ والجغرافيا والاستراتيجيا محكوم عليها بالفشل المسبق، وبيننا وبينكم الأيام والليالي والميدان.

    باحث سوري متخصّص بالجيوبوليتيك والدراسات الاستراتيجية

زر الذهاب إلى الأعلى