لبنان

  • لبنان أم لبنانات…!

     

    تتنازعني أفكار وهواجس، تكاد تمحو كل ما نشأنا عليه وتعلمناه من الأهل والمدرسة وما درسناه في كتب التربية والتاريخ، وقد توّجتُه بدراسة الحقوق في الجامعة اللبنانية، حيث كانت مادة القانون الدستوري تضع قواعد الدولة ومندرجاتها وسلطاتها وتتحدث عن وطن واحد وشعب واحد، والسيادة والاستقلال والحقوق والواجبات والمساواة بين الناس، واقتنعتُ أن الدستور اللبناني يشكل العامود الفقري والهيكل الذي تتشعب وتتولد منه القوانين والمراسيم والقرارات والمذكّرات والحساب والعقاب، وقد توقفتُ عند قانون العقوبات الذي اعتبر أن الجرائم الكبرى التي ترتكب بحق الوطن والمواطن والدولة بكل تفاصيلها تكمن في التعامل مع العدو، ووصفها بالخيانة العظمى والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام….!

    وبالعودة إلى الواقع، في ما يُعرف بلبنان، شتان ما بين النص والمنصوص، فلكل لبنانه ولكل عدوه، فما هو عدو لفريق تجده صديق لآخر. كل منطقة لها علمها وحزبها وزعيمها وعلاقاتها الإقليمية والدولية، وتكاد تشعر أنك تعيش في بلد اتحاد فدرالي له جيش رمزي شعاره البريستيج، وقد اعترف وأقرّ بهذا  وزير الدفاع وهو عميد متقاعد ومن أهل البيت…!

    وقس على ذلك من الوزراء الذين يمارسون السلطة بكم من المستشارين، متجاهلين الكوادر الإدارية والفنية والمالية ومجالس ملية هنا وهناك تفوح منها روائح الفساد….!

    ينهض مما تقدم، أن لا لبنان بل لبنانات ولكل  واحد جغرافيته وإدارته وقيادته وسياسته الخارجية وتوزيعاته الزبائنية وكل تفاصيلها، وأسوأ ما فيه من يحرض العدو على من روت دماؤهم أرض لبنان. الحلم لبنان السيادة، لبنان لكل أبنائه، لبنان الواحد في كل تفاصيله، لبنان المحصن بقواه الذاتية، لا بالأوامر من عوكر ولا من خلف البحار…!

    بناءً عليه تثار تساؤلات عدة منها:

    ١- كم لبنان على ١٠٤٥٢ كلم مربع؟

    ٢- هل نحن أمام مستقبل صومالي- سوداني؟

    ٣-من المستفيد من هذا التشرذم؟

    ٤- من وراء ما نحن عليه؟

    د. نزيه منصور

  • تحليل التوترات المحتملة بين جوزيف عون وسمير جعجع في حال تمديد ولاية عون الرئاسية

     

    سمير باكير-

     

    النظام السياسي في لبنان، المتأثر بتوازنات طائفية دقيقة وتدخلات خارجية متعددة، لطالما كان ساحة لتنافس معقد بين الفاعلين المحليين. ضمن هذا السياق، يلعب المسيحيون، وبخاصة الموارنة، دورًا محوريًا في انتخاب رئيس الجمهورية. ومع احتمال تمديد ولاية جوزاف عون، القائد السابق للجيش اللبناني، من المتوقع أن تتصاعد الخلافات بينه وبين سمير جعجع، رئيس حزب “القوات اللبنانية”، لما لهما من طموحات متقاطعة داخل الساحة المسيحية.

     

    1. التنافس على زعامة المجتمع المسيحي

    يُعدّ منصب رئاسة الجمهورية، المخصص للموارنة بموجب النظام الطائفي اللبناني، موقعًا رمزيًا واستراتيجيًا في زعامة المسيحيين. يسعى سمير جعجع منذ سنوات لترسيخ نفسه كزعيم سياسي بارز للمسيحيين، مستندًا إلى قواعد حزبية صلبة. في المقابل، يتمتع جوزاف عون بشرعية مستمدة من خلفيته العسكرية ودعمه الدولي، مما يشكل تهديدًا مباشرًا لمكانة جعجع. ومع سعي عون المحتمل إلى تمديد ولايته، قد يتحول التنافس بينهما إلى صراع مباشر على قيادة المسيحيين.

     

    2. التباين في الموقف من حزب الله

    على الرغم من أن كلا الشخصيتين تعارضان توسع نفوذ حزب الله داخل الدولة اللبنانية، إلا أن أسلوبيهما في التعبير عن هذا الموقف يختلفان بشكل واضح. يتبنى جعجع خطابًا هجوميًا علنيًا ضد الحزب، في حين يميل عون إلى مقاربة أكثر توازنًا، ساعيًا لتجنب الصدام المباشر بين المؤسسات الرسمية والحزب. هذا التباين في الرؤية قد يؤدي إلى تفاقم الانقسام بين الطرفين مع اقتراب موعد الاستحقاقات السياسية.

     

    3. المواجهة بين الهيكلية الحزبية والشرعية المؤسسية

    يمتلك جعجع تنظيمًا حزبيًا متماسكًا، وشبكة إعلامية وبُنى تنظيمية ممتدة منذ عقود. بينما دخل جوزاف عون المعترك السياسي من باب المؤسسة العسكرية، ويعتمد على شرعية منصبه السابق ودعمه الخارجي. هذا التفاوت البنيوي يعمّق التنافس بين الطرفين حول مصادر النفوذ السياسي، ويثير مخاوف جعجع من احتكار الرئاسة من قبل شخصية لا تملك قاعدة حزبية ولكن تحظى بدعم دولي.

     

    4. تضارب الطموحات السياسية

    يُعد تضارب الطموحات السياسية أحد أبرز العوامل في تصاعد التوتر بين الشخصيتين. إذ يعتبر جعجع نفسه الأجدر بالرئاسة، لا سيما بعد ترشحه في مناسبات سابقة، بينما يُنظر إلى سعي عون لتمديد ولايته كعقبة مباشرة أمام تحقيق طموحات جعجع. بهذا، يتحول الخلاف من مجرد تنافس سياسي إلى صراع على مستقبل السلطة في لبنان.

     

    5. التباين في مصادر الشرعية والدعم الدولي

    يحظى كل من جعجع وعون بدعم خارجي، لكن طبيعة هذا الدعم وأهدافه تختلف. يرتبط عون بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وبعض دول الخليج العربي، التي غالبًا ما دعمته خلال قيادته للجيش. في المقابل، يستند جعجع إلى دعم تقليدي من المملكة العربية السعودية وبعض الدول الغربية. هذا التباين في علاقات الخارج قد يتحول إلى عنصر انقسام داخل البيت المسيحي اللبناني، خاصة إذا تبلور في شكل تنافس انتخابي صريح.

     

    6. دور الأزمة الاقتصادية في تغذية الصراع السياسي

    يمر لبنان بأزمة اقتصادية غير مسبوقة، مما يعزز من فرص التصعيد السياسي. يُنظر إلى عون كرئيس للجمهورية كجزء من النظام الحاكم المسؤول عن الانهيار المالي، ما يمنح جعجع فرصة لطرح نفسه كبديل. ومع ذلك، فإن ماضي جعجع وتحالفاته السابقة قد يضعانه أيضًا في موقع النقد. وفي حال نجح عون في تقديم نفسه كشخصية معتدلة قادرة على إدارة الأزمة، فقد يكسب دعمًا شعبيًا في مقابل التصعيد الخطابي الذي يتبناه خصمه.

     

    7. تأثير التنافس على الانتخابات البرلمانية والائتلافات السياسية

    يتعدى التنافس بين الطرفين منصب الرئاسة، ليطال أيضًا هيكلية البرلمان والتحالفات المستقبلية. تمكنت “القوات اللبنانية” من تحقيق نتائج مهمة في انتخابات 2022، ما يعزز من قدرة جعجع على المناورة في وجه تمديد ولاية عون. وفي المقابل، قد يسعى عون إلى بناء تحالفات عابرة للطوائف، مع السنة والدروز مثلاً، ما قد يثير ردود فعل حادة من جانب جعجع.

     

    8. دور المؤسسة العسكرية والأمنية

    يشكل الارتباط الوثيق لعون بالمؤسسة العسكرية نقطة قوة له، خاصة في ظل التوترات الداخلية. في حال تفاقمت الأزمة السياسية أو اندلعت اضطرابات، قد يجد عون نفسه في موقع يسمح له بالاعتماد على الجيش كقوة ضابطة. في المقابل، يفتقر جعجع لهذا النوع من النفوذ، وقد يلجأ إلى التحشيد الشعبي أو التصعيد الإعلامي والسياسي، ما قد يؤدي إلى مزيد من الاستقطاب في البلاد.

     

    فلیلاحظ أن الصراع بين جوزاف عون وسمير جعجع ليس مجرد تنافس شخصي على منصب سياسي، بل يعكس أبعادًا بنيوية في النظام اللبناني، ويكشف عن التوتر القائم داخل المجتمع المسيحي وبين محاوره المتعددة. كما أن هذا الصراع يتأثر مباشرةً بمعادلات إقليمية ودولية، ما يجعله أكثر تعقيدًا وخطورة.

  • يا أمة الإسلام والعروبةالدفاع عن فلسطين ليس أمر سياسي

    كتب الشيخ سليمان الأسعد وادي خالد

     

    الدفاع عن فلسطين وغزة واجب ديني وانساني واخلاقي وعلى كل انسان لديه زرة من الضمير واجب ان يقف مع فلسطين وغزة من ماتتعرض له من ابادة جماعيه وتطهير عرقي

    فلسطين وغزة مطالبه من كل احرار العالم وخصه امة الاسلام والعرب

    ياشعوب الامه عليكم الضغط على الحكومات بالدول والاسلامية والعرببة لانقاذ غزة من الاجرام التي يمارسه الصهيو امريكي بحق الشعب الفلسطيني

    الواجب الديني والاخلاقي والانساني يحتم علينا ان ننصر غزة بالحد الادنا بالمسيرات والمظاهرات بكل الدول الاسلاميه والعربية

    ويكفي المزايده على بعضنا البعض دولة الفلانيه داعمه للقضيه الفلسطينية والدولة تلك لم تقدم الدعم اليوم واجب ان نبتعد عن التخوين والمزايدات ونقف صف واحد كشعوب بالدول الاسلامية والعربية ونضغط على الحكومات لتوقف المجازر في غزة

    واذا الدول الاسلامية والدولة العربية ارادة ان تقف بموقف موحده اتجاه الشعب الفلسطيني قادرة ان تقلب الطاولة على راس نتنياهو ومن يدعمه

    ياحكام الدول الاسلامية والدول العربية انتم مطالبين امام الله اولا والشعب ثانيا لانقاذ غزة من الابادة

    الله يرحم الشهداء ويشفي الحرحة

    اللهم ثبت اقدام المجاهدين وسدد رميهم وانصرهم على اعدائهم وأعدائنا واعداء الانبياء من قبلنا

    اللهم اعطي الاهلي غزة الصبر والثبات

     

    الشيخ سليمان الأسعد وادي خالد

  • الشيعه لن يسلموا السلاح،صاحب السلاح قادم مع السيد المسيح

    كَتَبَ إسماعيل النجار

     

    يقولون أن المقاومة إنكفئَت ودورها الإقليمي إنتهى! ويقتصر دور سلاحها اليوم على حماية الطائفة الشيعية فقط!،

    هكذا هُم يقولون؟

    ولكن ما يقولونهُ في وآد والحقيقة في وآدٍ آخر، لأن الواقع يُشير إلى خلاف ذلك ويناقض كل ما يُقال وما يُشاع، وإسرائيل تعتبر حديث بعض اللبنانيين والعرب عن ضعف حزب الله هوَ تضليل لجيشها لا تقبل به كما أنها لا تقبل الشَك بأن المقاومة الإسلامية تُجدد جلدها وتعود لنشاطها خلال أشهُر،

    المشكلة تكمُن في بعض الجهات السياسيه اللبنانيه ألذين يحتفلون بإنتصار وهمي لا إسرائيل تمكنت من تحقيقه ولا هم قاتلوا حتى يحرزوه، وتعاطي البعض منهم مع المقاومة في لبنان بكيدٍ سياسي وعداوة غير مُبرَّرَة دفعهم للتسويق بهزيمتها وضعف قدراتها وانكفائها عن المشهد العسكري بعد الذي حصل ربما يعزز إرتفاع حرارة المشهد ويوصل الطرفين إلى صِدام غير محسوب ،

    نحنُ لا ننكِر أن إغتيال القادة الكبار في الحزب هو تدمير للقدرات البشريه الأهم فيه، وتعتبر خسارات لا تُعَوَّض ولا يمكن قياسه بخسارة أي نوع من السلاح الحديدي المتوفر بكثرة في مخازنه،

    حزب الله يرتكز في قيامته على عدَّة قواعد، أولها القضيه العادلة،

    ثانياً،، القناعة بإنصاف هذه القضيه ونصرتها،

    ثالثاً،، توفر العنصر البشري المؤمن بها،

    رابعاً،، عقيدته التي تنطلق من مبدأ عدم إعطاء أي أحد إعطاء الذليل أو الإقرار له كإقرار العبيد،

    خامساً،، الإيمان بالموت في سبيل الحياة الكريمة بأنه طريق الخلاص من صلافة الدنيا وغرورها ومرضاة لله عَزَّ وَجَل،

    سادساً،، الإيمان المطلق بأن لكل حرية ثمن،

    سابعاً،، تعرُض الطائفه الشيعيه لتهديدات وجودية عآنت منها على مدى التاريخ وذاقت مُرَّها من النجف إلى كربلاء إلى بلاد نجد والحجاز، جعلها تتمسك بقوتها الضامنه لوجودها في ظل نشوء جيل مقاتل يتمتع بقدرات ومهارات كبيرة،

    الطائفه الشيعية كلما إزدادت التهديدات عليها كلما تشبثَت بسلاحها لأن كل التجارب السابقه تؤكد أن الوعود التي أُعطيَت لها إنتهت بمذابح بحقها، مذابح يندىَ لها جبين الإنسانيه،

    من هنا لا بُد لنا أن نوضح بأننا في لحظات القتال الصعبه لدينا القدرة على التفكير والتقليل من خسائرنا والحفاظ على أسلحتنا الإستراتيجيه من دون أن يلحق فيها أي ضرر،

    نجحت إسرائيل خلال الحرب من الإستفادة من كل المعلومات التي جمعتها بواسطة الذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا والعنصر البشري، وهذا الأمر شكلَ لها دفعاً معنوياً زادها قوة وشراسة وتركَ فراغاً لدى المقاومة وبيئتها خوفاً مِما يجري، لكنه لم يؤهلها لحسم الحرب ولا إنهاء المعركة لصالحها، لكن الذي أعطاها الجرأة على التمادي هو قبول المقاومة بالهدنة لشهرين ودعم واشنطن أديآ إلى استمرارها بالعربدة من دون رَد زادها صلافة وإجرام،

    لكن الأمر لن يبقى كذلك ولن ينتهي باستمرار العربدة، لأن صبر المقاومة نفذ وقدراتها تحت “الباهم” والفرصة التي أُعطيَت للدولة نفذَت، ولكن يبقى الخوف من إنصياع الحكومة اللبنانية لإملاءآت الولايات المتحدة الأميركية أكثر فتتسبب بإنفجار البَلَد وأخذه نحو ما لا يقبل به اللبنانيون،

    الواقع اليوم يقتضي حكمة ووعي من الجميع وقبول واقع السلاح بيد المقاومة بإنتظار تغيرات جذرية في المنطقة قد توصل لبنان إلى اتفاق معها يفضي إلى استراتيجية دفاعية تضمن حماية أمنه وثرواته،

    الشيعه لن يسلموا السلاح،

    صاحب السلاح قادم مع السيد المسيح،

     

  • بين جوزيف ونواف…!

    كتب د نزيه منصور

    وصل كل من جوزيف عون ونواف سلام بموجب قرار أميركي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. ظنّ الرأي العام أن كل من هما نال درجة الرضى الأميركي ١٠/١٠. الأول وضع كل بيضاته بالسلة الأميركية منذ توليه قيادة الجيش، فاستحق جائزة الكرسي الأول لمدة ست سنوات، أما الثاني فشغل مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة من خارج الملاك وسار على الصراط المستقيم الأميركي، فنال عضوية محكمة العدل الدولية ببركة أميركية بامتياز..!

    وفي ليلة ليس فيها ضوء قمر، هبطت عليه نعمة واشنطن، وغاب الطامحون من نواب الأمة مع فجر يوم التكليف، حيث بايعه معظم النواب وأصبح رئيساً مكلفاً، فتنفس الجميع من اللبنانيين صار عنا رئيس أول وثالث أصيلين اميركان وراح يصير البلد جنة من جنات واشنطن….!

    تشكلت الحكومة بفترة قياسية ونالت الثقة رغم ثرثرة معظم المتحدثين، ومن ثم بدأت رحلة ملء الفراغات وأولها الأمنية من دون أي إشكالات، وإذ بحاكم لبنان المالي وسيد الليرة المنهارة يفتح ثغرة بين عون وسلام، ففاز خيار عون بكريم سعيد بسبعة عشر صوتاً وخسر سلام بسبعة أصوات..!

    ينهض مما تقدم، أن تصويت الحزب والقوات والكتائب وأمل والأرمن وجماعة عون، رغم الخلاف التاريخي بين فرقة ١٤ آذار منتهية الصلاحية و٨ آذار الباردة من دون حيل، هو الذي أوصل سعيد، خاصة أن الأميركي وفقاً لما تم تسريبه فضّل دعم عون بخياره ابن سعيد، ويستشف من المشهد تقدم عون على سلام عند أول استحقاق استراتيجي. وإذ بمحمد بن سلمان يدخل على الملعب ويرسل طائرة خاصة لنواف ليصلي صلاة العيد في مكة المكرمة ويعوض عليه خسارته أمام جوزيف عون كون الفرق كبير ١٠ أصوات…!

    وعليه تطرح تساؤلات:

    ١- هل بدأ الأميركي يفضّل جوزيف على نواف على قاعدة درجة أولى ودرجة ثانية؟

    ٢- ما الأسباب التي جمعت المرحومة ١٤ آذار مع ٨ آذار يلي بالكوما؟

    ٣- هل التصويت سياسي أم مذهبي؟

    ٤- معقول كريم سعيد يشيل الزير من البير؟

    د. نزيه منصور

  • لبنان كرة طائرة…!

    كتب د نزيه منصور

    لم يعد لبنان دولة مستقلة ذات سيادة، بل تحوّل إلى كرة تتقاذفه الأيادي بين العواصم الإقليمية والدولية، بدءاً من واشنطن مروراً بباريس والقاهرة والرياض والدوحة وصولاً إلى دمشق الجولاني…!

    حاولت باريس أن تعيد وصايتها من خلال رئيسها ماكرون، الذي حاول المونة على أعضاء المجلس والمكلف تشكيل حكومة نجيب ميقاتي لكنه فشل، وبدلاً من التنحي كلف لودريان بمتابعة الملف، الذي طاب له مناخ لبنان وملأ فراغه بسبب تقاعده في بلده (aller- retour) رايح جايي على لبنان، حتى شغرت كرسي بعبدا مع ولادة الخماسية،  دبلوماسي رايح دبلوماسي جايي، كوكتيل فرانكو ع انغلو آراب ومن دون فائدة…!

    وإذ بالمارد الأميركي يخرج من القمقم ويحسم الأمر، ويستخدم خاتم لبيك، فكان جوزاف عون رئيساً ونواف سلام رئيساً للحكومة….!

    وتفتقت مواهبه وطموحاته نتيجة تناوله حليب السباع أميركي لا نيدو ولا نستله، وبلغت تصريحاته الزبى، حتى حذف فريقاً لبنانياً من جذوره وجعله من الماضي والعدو يحتل أراضٍ لبنانية والتي تجاوزت خمسة عشرة نقطة، أضف إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، بل بلغ البعض من أعضاء حكومته الناطق الأول باسم الحكومة والعهد والمجلس على قاعدة انا ربكم الأعلى ويا ارضي اشتدي وما حدا أدي…!

    ورافق ذلك زيارة إلى دمشق احتفاء ومد اليد إلى دولة جولاني لعل الأمور تستقيم بين بيروت ودمشق. وإذ بهيئة تحرير الشام تغزو الأراضي اللبنانية وتهجر الأهالي وتقتل وتحرق وتسرق، فما كان من الجيش اللبناني والأهالي إلا أن ردوا العدوان، وإذ بوزير الدفاع يعلن عن زيارة زميله السوري، ومن دون مقدمات يعلن عن التأجيل ونقل اللقاء إلى مدينة جدة، وتم تحديد زيارة الرئيس عون لبضع ساعات إلى باريس في ٢٨ من الشهر الجاري، مع العلم أن مبعوث ماكرون حلت بركاته على المثلث الرئاسي دون أن يعلن عن سر هذه الزيارة. معقول ما عنده علم أن الحكومة تشكلت ونالت الثقة وكرسي بعبدا لم تعد شاغرة..!

    وأمام هذا الحراك، تبقى المندوبة السامية الأميركية صاحبة الفصل بكل الاتجاهات والمواضيع…!

    ينهض مما تقدم، أن لبنان تحوّل إلى ملعب كرة طائرة، بسبب صغر مساحته وقلة عدد اللاعبين، ومعظمهم زيادة عدد، لأن الأميركي غير مستعجل على إنهاء الأزمات اللبنانية، فهو يعطي الآخرين دوراً ثانوياً لتمرير الوقت وتحقيق الأهداف خدمة لمصالحه وخاصة قاعدته المتقدمة والمتمثلة بالكيان الصهيوني…!

    وعليه تطرح تساؤلات منها:

    ١- إلى متى يبقى لبنان ملعباً للقوى الخارجية؟

    ٢- لماذا تم نقل الاجتماع من دمشق إلى جدة؟

    ٣- هل تم اختيار جدة مرجعية لإدارة كل من سوريا ولبنان؟

    ٤- هل قررت واشنطن أن تكون جدة مركزاً ووكيلاً لها بدلاً من الدوحة؟

    د. نزيه منصور

  • غاب العربان وحضرت صنعاء…!

    غاب العربان وحضرت صنعاء…!

    بعد مرور ما يزيد على خمسة عشر شهراً على العدوان الصهيوني على الشعبين اللبناني والفلسطيني، بدعم أميركي وغربي وإقليمي، وبعد مخاض عسير حصل وقف إطلاق النار في كل من لبنان وقطاع غزة. لكن مع تعثر تبادل الأسرى بين الكيان وحما.س، كرر العدو شن غاراته الحربية والقصف البري والبحري على الشعب الفلسطيني، ناكثاً باتفاق وقف إطلاق النار، واستمر بالخرق على الأراضي اللبنانية وارتكاب جرائم بحق اللبنانيين، والعربان في سبات عميق….!

    وإذ بالعملاق والمارد اليمني يخرج شاهراً سيفه التاريخي الذي سبق وحظر العبور لأي ناقلات أو سفن للعدو في البحر الأحمر وجاره بحر العرب، متحدياً المدمرات وحاملات الطائرات الأميركية وأتباعها في المحيط الأطلسي، ومطلق العنان لصواريخه المتطورة، وقصف عمق الكيان وهدد أنه لن يقف مكتوف اليدين تجاه العدوان على لبنان في ظل صمت عربي، وكأن القتل والتهجير والتدمير يحصل في عالم الكواكب، رغم العدوان الأميركي على المدن اليمنية، مما أثار حفيظة الشعب اليمني ورفع وتيرة القصف على أية مركبة مهما كانت جنسيتها ودفع بالإدارة الأميركية إلى استجرار المزيد من المدمرات والسفن الحربية بسبب الفشل في تحقيق أهدافها وصمود الشعب اليمني وتحديه للأميركان حتى وقف العدوان على الشعبين الفلسطيني واللبناني….!

    ينهض مما تقدم، أن الشعب اليمني وقياداته الحكيمة والجريئة تحديا أكبر وأقوى قوة في العالم، فقصفا الكيان في زمن طبّعت فيه الأنظمة العربية بكل وقاحة تاركة الشعبين الفلسطيني واللبناني يواجهان العدوان بالامكانيات المتواضعة، وبدلاً من الوقوف إلى جانبهما طبعوا مع العدو….!

    التحية وكل التحايا إلى الشعب اليمني الوفي وقيادته وجيشه…!

    وعليه تطرح تساؤلات عدة منها:

    ١- لماذا تُرك الفلسطيني واللبناني يذبحان على مرأى من العالم؟

    ٢- هل يستيقظ العرب ويهبّوا نصرة لفلسطين؟

    ٣- لماذا تسعى واشنطن لإنهاء الحرب الأوكرانية- الروسية وتؤجج النار في غزة ولبنان؟

    د. نزيه منصور

  • سوريا ساحة ام ساحات…..!

     

    صمدت سوريا على مدى العقود الفائتة قلعة في مواجهة العدو، ورفضت الالتحاق بقافلة التطبيع أسوة بالدول المواجهة، حيث طبّعت القاهرة بموجب اتفاقية كامب دايفيد، ومنظمة التحرير الفلسطينية عبر اتفاقية أوسلو (الإذعان)، وعمان وقعت ما عُرف باتفاقية وادي عربة، وكاد لبنان يسقط من خلال اتفاقية ١٧ أيار، التي عارضتها القوى الوطنية والإسلامية مما اضطر مجلس النواب لإبطالها. وبقيت دمشق متصدرة العداء للكيان الصهيوني، واحتضنت الفريق المقا.وم رغم الإغراءات والتهديدات، حتى فُرض عليها الحصار بموجب قانون قيصر الأميركي والتحريض المتواصل ورفع شعارات الحرية والسيادة والديمقراطية، إلى أن رحل نظام البعث القومي من دون طلقة رصاصة، وتنصيب الجولاني أحد قادة هيئة تحرير الشام، وإذ بسوريا تنتقل من ضفة إلى ضفة وتتحول إلى سوريات منها:

    ١- سوريا التركية

    ٢- سوريا الكردية

    ٣-سوريا الأميركية

    ٤- سوريا الدرزية

    ٥- سوريا (الاسرائيلة)

    ٦- سوريا قصر المهاجرين.

    بعد أن كانت دمشق ساحة الأمة المركزية يحج إليها أحرار العرب من قوميين وأمميين ووطنيين والذين راهنوا على صمودها وتصديها للمشروع الأميركي- الصهيوني…!

    وأمام الأزمات والحصار والمقاطعة العربية والدولية ومحاولة رأس النظام تدوير الزوايا والتطبيع مع أنظمة الخليج ظاناً منه فك الحصار والتراجع عن المحور وأحد أركانه على خط النار مع العدو، وأن قسماً من أراضيه محتلة لعله في ذلك يحفظ رأسه. وإذ بالسحر ينقلب على الساحر، حتى من أقرب المقربين (بوتين)، عندها هب التركي والصهيوني والكردي والدرزي بدعم أميركي لتحقيق هدف استراتيجي وهو إضعاف سوريا وتفكيكها تحت عناوين مختلفة، وأخذ كل من المتربصين ينهش من الوحدة السورية بذرائع واهية…!

    ينهض مما تقدم، أن سوريا التاريخية القومية أضحت في خبر كان، وتسير على خطى السودان وليبيا والعراق والصومال، ولاسيما في الزمن المنظور بدعم أميركي وزحف عرباني ومبايعة إقليمية ودولية خدمة لإقامة (إسرائيل الكبرى) الحلم الصهيوني، الذي يؤشر إلى المزيد من التفكيك في الإقليم، وفقاً لما تشتهي واشنطن، وتوزيع الأدوار بين الأتباع وخاصة تركيا الاردوغانية وإسرائيل النتن ياهوية…!

    وبناءً عليه تطرح تساؤلات عدة منها:

    ١- ما هو مستقبل سوريا ساحة أم ساحات؟

    ٢- هل تنشأ معارضة سورية من مختلف القوميات والأطياف والأحزاب وتسقط مشاريع تفكيك سوريا؟

    ٣- هل بدأ نشوء شرق أوسط جديد في خدمة الكيان؟

    ٤- هل تمنح واشنطن تركيا حق ضم الشمال السوري والكيان جنوبه وقسد الحكم الذاتي؟

    د. نزيه منصور

  • إلى مَتىَ ستبقى أميركا تهددنا؟ 

    كَتَبَ إسماعيل النجار

     

    ترامب يُشعِل الشرق الأوسَط ولم يَعُد هناك أي مجال أمام مِحوَر المقاومة وبالتحديد إيران للإحتفاظ بحق الرَد إما الإستسلام لشروطه وإما الرَد عليه بقوَّك مهما بلغت التكلُفَة،

    إلى مَتىَ ستبقى أميركا تهددنا؟

    سَفَّاحي العالم ناهبي ثروات الشعوب، الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وإسرائيل وأضِف إليهم روسيا اليوم؟

    إذ لَم تَكُن تنتمي إلى أيٍ من هذه الجنسيات فاعلم إنك مسلوب الإرادة ومنهوبٌ ومقموع وإذا تمردت فأنت مقتول،

    الرئيس الأميركي دونالد ترامب رجل متحمس ومُتَهَوِّر يحمل بين يديه أكبر زر نووي في العالم يُشعِلُ حرائق متنقلة في كل أركان الدنيا وتحديداً منطقة الشرق الأوسَط،

    المشروع الأميركي اليوم يرمي لإخضاع اليمن وإضعاف الجمهورية الإسلامية والقضاء على حركات المقاومة من غزة وصولاً إلى العراق، وإعطاء إسرائيل فرصة لتتوسع وصولاً إلى مكة والمدينة، وتهجير كامل الشعب الفلسطيني إلى خارج فلسطين الأم ربما إلى الاردن ولبنان ومصر، رغم رفض القيادة المصرية للأمر ولكن علمتنا التجارب أن ما تخطط له أميركا سينجح وليس من الضرورة من أول محاولة ولكن يجب أن يعرف الجميع أن واشنطن لا تمل ولا تقطع الرجاء من أي شيء وتبقى تحاول وتحاول حتى ينقضي الأمر عندها، وعندما ترى صعوبة في تطويع دولة گ سوريا مثلاً ترسل إليها روسيا لتمسك بجميع مفاصلها وتدفع ثمنها وتشتريها منها وينتهي الأمر،

    دُوَلٌ كُبرىَ تُمَثِل علينا بأنهم أعداء وفي الحقيقة هم شركاء،

    إذاً هزيمة مشاريعنا دائماً سببها إستنادنا على الآخرين كما حصل في عقود الصراع الطويلة مع العدو الصهيوني وتربُعَنا بين مطرقة ومنجل الإتحاد السوفياتي،

    اليوم إيران تُعتَبَر دولة إقليمية عُظمَىَ وتقوم بدعم كل حركات التحرر والمقاومة في المنطقة لكنكَ عندما تقرأ الإعلام العربي أو تستمع إليه ترى أحدهم مسانداً لغزة وبنفس الوقت معادياً لإيران ومؤيداً للتطبيع بالوقت نفسه،

    يا أخي اكثر من نصف الفلسطينيين مش عارفين الله وين حاططهن، يصفون إيران بالمجوس ويؤيدون المقاومة قي غزة ويسيرون في التطبيع طيب ولا أحد يدعم المقاومة في غزة إلا إيران،

    أيها الإخوة ركزولكم على رب واعبدوه واقنعونا به لنعبده وإياكم وإن كنتم تائهين ضاللين مُضَلَّلين فإن الله رب العالمين نعبده وليس لنا ربٌ سواه،

    ترامب ليس له رب مثلكم أيها المتقلبون يريد السلام ويشن الحروب!

    ويقول أنه سيطفئ الحرائق في العالم بينما هو يشعلها في كل أرجاء المعمورة،

    يريد السلام والإزدهار للشعوب ويعطي اسرائيل الضوء الأخضر بتوسيع رقعة إحتلاله وذبح الشعب الفلسطيني وطرد سكان الضفه وغزة،

    ولا زال مستمراً بجرف كل مَن يقف بطريقه،

    اليوم وصل الأمر إلى ذروته بين واشنطن وصنعاء وبين واشنطن وطهران وتجرأت القوة العسكرية الأميركية على قصف مدمرة إيرانية حسب بعض التسريبات الغير مؤكدة، ولكن إن صَحَ الأمر ننتظر رد إيران وإن لم يَكُن صحيحاً على الجمهورية الإسلامية أن تنفي الأمر،

    الأمر الوحيد المؤكد أن إسرائيل استعادت نشاطها العسكري في غزة، وتتوغل في سوريا، من دون أي إعتراض أو أي أحد يقف في طريقها،

    جيش الجولاني مُبرمَج لضرب العرب والمسلمين ومنهم العلويين وغير مُبرمَج للتصدي للإعتداءآت الإسرائيلية التي تحتل أراضيه، والجيوش العربية الأخرى مهمتها قمع الشعوب وضرب اليمن فقط وتهديد إيران، بينما الأميركي يريد إسقاط كل قوة معارضة لمشروع إسرائيل الكُبرىَ في المنطقة، لذلك هي فرصة أخيرة إما إن تثبت إيران نفسها بالقوة وإما أن نسلم بفائض القوة الأميركي الإسرائيلي وكفانا دفع شبابنا للموت بالتقسيط،

     

  • الانفجار السوري 

    نقاط على الحروف

     

    ناصر قنديل

    قبل يومين من انتهاء الشهر الثالث بعد دخول هيئة تحرير الشام إلى دمشق وإمساكها بدفة الحكم بدعم تركي وقطري وتغطية أميركية أوروبية ومباركة عربية وترحيب اسرائيلي، بدا ان المشهد السوري يدخل في نفق مظلم، وأن الصورة التي حملتها السيطرة السريعة للحكم الجديد والخطاب الانفتاحي لرئيس الهيئة أمام تحديات حقيقية، حيث تبددت الآمال برفع العقوبات الأميركية عن التعاملات المصرفية السورية، ما يعني أن ما جعل السوريين الذين اتعبهم الحصار يبدون استعدادا للترحيب بالنظام الجديد أملا بمغادرة حالة الفقر والجوع، قد بدأ يصيبهم الإحباط، اضافة الى ما ترتب على تسريح كل العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية في ظل بطالة تسيطر على كل مرافق الاقتصاد، وهم بمئات الآلاف صاروا بلا دخل وفي حال أقرب إلى التشريد، اضيف اليهم قرابة نصف مليون موظف اخرجوا من الخدمة، وقطعت رواتبهم، بينما تتراجع التغذية بالكهرباء من سيء الى أسوأ مع تعثر التفاهم مع قوات قسد التي تسيطر على حقول النفط والغاز بتغطية أميركية، بينما تصاعدت الاعتداءات الاسرائيلية التي كانت آمال السوريين بأن يؤدي اسقاط النظام السابق الى ايقافها مع خروج حزب الله وإيران من سورية، وخلال ثلاثة شهور ثبت للسوريين أن آمالهم كانت مبالغات، دفعوا ثمنها وظائفهم ومصدر رزقهم، وأنهم كانو ضحية خدعة كبيرة، فالأميركي الذي يشكل سقف السياسة التركية التي شكلت سقف الظام السوري الجيد، يضع في الأولوية اخضاع سورية للطلبات الاسرائيلية التي لا يستطيع السوريون تلبيتها، وحتى يتحقق ذلك تبقى الأزمة عالقة مع الجماعات الكردية وتبقى الكهرباء الى الأسوأ، والأوضاع المعيشية في ظل استمرار العقوبات وعمليات الصرف الواسعة الى مزيد من السوء، والأوضاع الأمنية جمعت الى الاعتداءات الاسرئيلية التي اتسعت رقعتها وارتفعت وتيرتها، ما ترتب على ممارسات انتقامية غلب عليها التطهير الطائفي ما اضطر جهة معارضة مثل المرصد السوري لحقوق الانسان تتحدث عن وضع لا يطاق، سواء في داخل المكون الطائفي لهيئة تحرير الشام، حيث شخصية مثل المفتي احمد حسون تتعرض للاهانة، وحيث سائر المكونات تصرخ وتشكو من الجنوب الى الوسط والشمال والساحل.

    في ظل ظروف كهذه تلجأ الجهات الحاكمة الى توسيع القاعدة الاجتماعية للسلطة، وتسارع إلى اعتماد الانتخابات لنيل الشرعية، لكن الحكم الجديد عمل بعكس هذه القاعدة، فابتكر نظرية الحكومة المتجانسة لتبرير حكم اللون الواحد الذي كانت الشكوى منه في ظل النظام السابق احدى شعارات المعارضة، واللون كان في السابق سياسيا بينما هو الآن لون واحد طائفيا ولون واحد حزبيا داخل الطائفة في آن واحد، ولم يبذل أي جهد لاستقطاب فعاليات وشخصيات ونشطاء من المكونات الأخرى طائفيا أو من الشخصيات المعتدلة في المكون الذي تنتمي إليه الهيئة، بحيث يشعر كل السوريون أنهم محكومون لا شركاء في الحكم، وقد تم تبشيرهم بأن هذا الوضع سوف يستمر لخمس سنوات حتى يتاح لهم الذهاب الى انتخابات، بعدما يكون كل شيء بات تحت السيطرة، وتحقق الضمان بأن لا تأتي الانتخابات بما يغير ما تم تثبيته.

    لا يكفي أن تكون مع الحكم الجديد قناتي الجزيرة والعربية حتى تصدق الناس الرواية، لأن الناس واثقة بأنها فتحت الباب للانخراط في مرحلة جديدة عنوانها التأقلم مع النظام الجديد، والاستبشار بأن زمن الفقر والحصار والجوع سوف ينزاح وإن الكهرباء سوف تنتعش وأن الأمن سوف يزدهر، وأن خطاب الانفتاح والعيش المشترك سوف يعم أنحاء سورية عمليا، والناس تعلم انها لم تجد شيئا مما توقعت يتحقق، وأنها تشعر بالتهديد الوجودي على اساس طائفي او حزبي ضيق لصالح اللون الواحد، والناس تعلم أنها ضاقت ذرعا من الشكوى، وتلقت مقابل تسليم السلاح توجيه السلاح إلى صدور أبنائها والاستخفاف بكرامتهم وأرزاقهم، ولذلك تتحفظ البيئات الكردية و تتريث في الانخراط، وتفعل مناطق الجنوب ذلك، ولذلك يشهد الساحل هذا الانفجار الأمني.

    خطاب الفلول، واليد الخارجية، الذي تكرره الجزيرة والعربية وتخصصان لترويجه ساعات وخبراء ومستشارين، قد يؤثر خارج سورية، لكن السوريين يعلمون حقيقة الأمر، ويعلمون أن ما يجري عندهم يشبه ما جرى في لبنان عام 1982 مع نظام امين الجميل، الذي منحه الجميع فرصة ان يكون لكل اللبنانيين، وان يحقق الانسحاب الاسرائيلي بعدما اخرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وكانت هي عنوان الاجتياح الاسرائيلي، لكن هذا النظام تصرف فئويا وفشل وطنيا، وكان صعود القوات اللبنانية الى جبل لبنان ترجمة لهذا المضمون، وإرسال الجيش لإرهاب سكان الضاحية الجنوبية، فكان الانفجار الكبير قبل اقل سنة من استلامه للسلطة، وكان ايلول 1983 موعد الانفجار الأول ليليه في شباط 1984 الانفجار الكبير، والانهيار الكبير.

    لا يزال هناك فرص للتصحيح لكنها تحتاج إلى التواضع من الحكم الجديد، والاعتراف بأن الأحلام في تحقيق انفراج سياسي وأمني واقتصادي تبخرت، وان الوحدة الوطنية السورية واشراك الشعب السوري في الحكم هما الطريق الوحيد لمواجهة التحديات، وان البداية هي في إعادة تشكيل مؤسسات السلطة بصورة تشاركية ترفض الإقصاء والتهميش والاستعلاء والاستفراد والاستحواذ، إعلاء المصلحة الوطنية على كل حسابات حزبية فئوية او اجندات سياسية اقليمية.

زر الذهاب إلى الأعلى